كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
هكذا؛ لا تعينوا عليه الشيطان) (¬1).
• وجه الدلالة من الأحاديث السابقة: ظاهر الأحاديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يحد لشارب الخمر عددًا معينًا في الجلد (¬2).
الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يوقّت في الخمر حدًا" (¬3).Rالمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم.
ومن حكى الإجماع في المسألة فإنما حكى إجماع الصحابة -رضي اللَّه عنه-، وقد ثبت خلاف علي -رضي اللَّه عنه- وأنه جلد أربعين، فهي ليست محل إجماع حتى بين الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.
ولذا تعقَّب الإجماع الشوكاني بقوله: "الحاصل أن دعوى إجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- غير مسلَّمة؛ فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر -رضي اللَّه عنه- وبعدها وردت به الروايات الصحيحة، ولم يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الاقتصار على مقدار معين، بل جلد تارة بالجريد، وتارة بالنعال، وتارة بهما فقط، وتارة بهما مع الثياب، وتارة بالأيدي والنعال" (¬4).
وأما قول ابن عبد البر بأن الخلاف فيه شذوذ، فغير مسلَّم، بل الخلاف فيه معتبر؛ لثبوته عن الشافعية، والحنابلة في رواية، والظاهرية، واللَّه تعالى أعلم.
[251/ 4] يجوز جلد شارب الخمر ثمانين جلدة.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت على شخص شرب الخمر، وجلده الإمام ثمانون جلدة، فإنَّ فعل الإمام صحيح، ولا يُعتبر آثمًا في ذلك.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري رقم (6395).
(¬2) انظر: المحلى (12/ 356).
(¬3) أخرجه أحمد (5/ 116)، وأبو داود رقم (4476)، والنسائي رقم (5290).
(¬4) نيل الأوطار (7/ 169).