كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
القول الثاني: أن جلد شارب الخمر هو من باب التعزير ولا يحدَّد بعدد في حق الحر والعبد. وهو قول طائفة من أهل العلم (¬1).
• دليل المخالف: استدل من قال بأن حد العبد أربعون جلدة بعموم قول اللَّه تعالى في حق الإماء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬2).
• وجه الدلالة: الآية دلت على أن حد الأمة في الزنا هو نصف حد الحرة، فكذا يقاس عليها سائر الحدود التي يمكن تبعيض الحد فيها، ومنها حد شرب الخمر، والواجب في حد شرب الخمر على الحر ثمانون جلدة، فيكون حد العبد والأمة نصفها وهو أربعون جلدة (¬3).
أما من قال أن حد الشارب ليس له عدد معيَّن، فسبق بيان أدلته قريبًا (¬4).Rالمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وغيرهم.
ومن حكى الاتفاق في المسألة فالظاهر أنه وهم، واللَّه تعالى أعلم.
[255/ 4] شارب الخمر إذا تكرر منه الشرب لا يقتل.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت حد شرب الخمر على شخص، وأقيم عليه الحد، ثم أقيم عليه ثانية، ثم ثالثة، ثم ثبت عليه الشرب مرة رابعة، فإنه يقام عليه الحد بالجلد، ولا يُقتل، حتى لو تكرر الحد عليه أكثر من ثلاث مرات.
وينبَّه إلى أن المراد عدم قتل شارب الخمر من باب الحد، أما إن رأى
¬__________
(¬1) كذا نسبه ابن حزم في "المحلى" (12/ 356)، والصنعاني في "سبل السلام" (2/ 444)، ولم أعثر على تحديد القائلين به.
(¬2) سورة النساء، آية (25).
(¬3) المبسوط (24/ 31)، المغني (9/ 143).
(¬4) انظر: المسألة رقم 250 بعنوان: "حد شارب الخمر ثمانون جلدة إن كان حرًا".