كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

الأمر بقتل شارب الخمر، وترك العمل به.
الدليل الخامس: عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أن رجلًا على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان اسمه عبد اللَّه، وكان يلقب حمارًا، وكان يضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد جلده في الشراب، فأتي به يومًا، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تلعنوه؛ فواللَّه ما علمت إلا إنه يحب اللَّه ورسوله) (¬1).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جلد حمارًا مع كثرة ما يؤتى به، والظاهر أن التعبير بالكثرة يدل على أنه أكثر من ثلاث مرات (¬2).
الدليل السادس: أن كل معصية لا توجب القتل في الابتداء فإنه لا يوجب تكرارها القتل حدًا، كالزنا والقذف (¬3).
• المخالفون للإجماع: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن شارب الخمر يُقتل في المرة الرابعة.
وهو مروي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- (¬4)، وبه قال الظاهرية (¬5).
• دليل المخالف: استدل من أوجب قتل شارب الخمر في المرة الرابعة بما يلي:
الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب في
¬__________
(¬1) البخاري رقم (6398).
(¬2) انظر: فتح الباري (12/ 65).
(¬3) انظر: الحاوي الكبير (13/ 325)، المبدع (9/ 142).
(¬4) انظر: المحلى (12/ 368)، وليس المراد أنه إن شرب أربع مرات أنه يُقتل، وإنما المراد أنه إن أقيم عليه الحد ثلاث مرات، ثم جيء به في المرة الرابعة فإنه يقتل، فالعبرة بإقامة الحد، لا بعدد مرات الشرب.
(¬5) المحلى (12/ 373).

الصفحة 752