كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

الدليل الثاني: قصة الغامدية التي جاءت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول اللَّه لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا، فواللَّه إني لحبلى، قال: (إمَّا لا فاذهبي حتى تلدي)، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي اللَّه قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها. . . . الحديث (¬1).
• ووجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ المرأة حتى تضع، ثم ردَّها حتى تفطمه، وهي في هذه الفترة لا شك أنها تؤدي أعمالًا صالحة منها الصلوات الخمس ومع ذلك لم يسقط النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها الحد، بل أقامه عليها.Rالمسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه أعلم (¬2).

[10/ 1] عدم جواز الكفالة في الحدود
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف الكفالة:
الكفالة لغة: أصل الكفالة في اللغة بمعنى الضم، كما قال ابن فارس: "الكاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تضمُّنِ الشَّيء للشيء" (¬3).
يُقال: كَفَله يَكْفُله وكَفَّله إِيّاه، أي ضمنه، والكافل: هو القائم بأمر من
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم رقم (1695).
(¬2) ولا يُشكل على هذا ما حُكي عن ابن حزم وغيره أن الكبائر تُكفَّر بالأعمال الصالحة، لأن هذا في غير الحدود، فإن ابن حزم هو الذي حكى الإجماع على أن الحد لا يُكفر بالحج، اختار أيضًا في "المحلى" (12/ 14 - 15) أن الحدود لا تسقط بالتوبة، فلا يُكفِّرها إلا إقامة الحد.
(¬3) مقاييس اللغة (5/ 187).

الصفحة 76