كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

وهو قول الشافعية (¬1)، ورواية عند الحنابلة (¬2).
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
الدليل الأول: عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: كنت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاءه رجل فقال: يا رسول اللَّه إني أصبت حدًا فأقمه علَيَّ، قال: ولم يسأله عنه، وحضرت الصلاة، فصلّى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة قام إليه رجل فقال: يا رسول اللَّه إني أصبت حدًا فأقم فيَّ كتاب اللَّه، قال: (أليس قد صليت معنا؟ ) قال: نعم، قال: (فإن اللَّه قد غفر لك ذنبك) متفق عليه (¬3).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُعزِّر صاحب الذنب الذي طلب إقامة الحد عليه، وهو يدل على أن الإمام له ترْك التعزير (¬4).
ويناقش: بأن التعزير إنما شُرع للزجر، والرَّجل هنا قد جاء تائبًا، فلا حاجة للتعزير حينئذٍ لحصول الزجر بالتوبة.
الدليل الثاني: عن عائشة رضي اللَّه عنها أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم، إلا الحدود) (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: أسنى المطالب (4/ 162)، مغني المحتاج (5/ 522).
(¬2) انظر: الإنصاف (10/ 240).
(¬3) أخرجه البخاري رقم (6437)، ومسلم رقم (2764).
(¬4) انظر: المغني (9/ 149 - 150).
(¬5) أخرجه أحمد (42/ 300)، وأبو داود، كتاب: الحدود، باب: في الحد يشفع، رقم (4375)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب: الرجم، باب: التجاوز عن زلة ذي الهيئة، رقم (7293). والحديث ضعَّفه جمع من أهل العلم حيث ضعفه ابن حزم في "المحلى" (11/ 188)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (4/ 260)، وقال العقيلي في "الضعفاء" 2/ 343: "ليس فيه شيء يثبت"، وكذا ضعَّفه أبو زرعة، والمنذري، وغيرهم؛ لأن في سند عبد الملك بن زيد، وهو ضعيف الحديث عندهم.
وذهب آخرون إلى صحة الحديث حيث قوَّاه الطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 149)، =

الصفحة 772