كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الدليل الثاني: أنه لم يرد في الكتاب أو السنة تقدير معين للعقوبات التعزيرية، فكان الرجوع فيها للإمام بحسب ما يراه مصلحة راجحة، بخلاف الحدود، فإنه جاء الشرع بتقديرها.Rفيما يظهر أن المسألتين محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[266/ 5] الشفاعة فيما يقتضي التعزير جائزة، إن رأى الإمام العفو، ولم تتعلَّق المعصية بحق شخص آخر.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص معصية لا حد فيها ولا كفَّارة، وغير متعلَّقة بالجناية على شخص معيَّن، كان قبَّل امرأة أجنبية لا تحل له، وبلغ أمره للإمام، فأراد الإمام تعزيره، فإنه يجوز لشخص أن يشفع لأجل ترك العقوبة، وللإمام قبول الشفاعة فيه، إذا كان الجاني يمكن أن ينزجر عن جريمته بدون التعزير، ورأى الإمام العفو عنه، ولا يجب على الإمام إقامة التعزير بموجب بلوغ الأمر إليه.
ويُنبه إلى أمرين: الأول: إن كان الإمام يرى أن المصلحة في إقامة التعزير وعدم العفو، كأن يكون الجاني لا يمكن أن ينزجر إلا بالتعزير، فهذه مسألة أخرى (¬1).
الثاني: إن كان الجاني قد جنى على شخص معيَّن، بأن لطمه، أو شتمه،
¬__________
(¬1) وذلك أن الحنفية، والحنابلة ينصون على أنه إن كان الإمام يرى المصلحة في التعزير فإنه يجب عليه أن يعزِّر، ولا يجوز له العفو، كذا المالكية فيمن كان معروفًا بالفساد، أما إن كان الجاني يُمكن أن ينزجر بدون التعزير، ورأى الإمام العفو، فله ذلك.
أما الشافعية فيرون أن التعزير مستحب، فللإمام تركه ولو رأى المصلحة في التعزير. انظر: فتح القدير (5/ 346)، التاج والإكليل (8/ 436)، المغني (9/ 149 - 150).