كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
• وجه الدلالة: في الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عاقب السارق بدفع ضعفي ما سرق، وهذا من باب العقوبات المالية (¬1).
الدليل الخامس: عن عبد الرحمن بن حاطب (¬2): "أن رقيقًا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، فأمر عمر -رضي اللَّه عنه- كثير بن الصلت (¬3) أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر -رضي اللَّه عنه-: "أراك تجيعهم"، ثم قال عمر: "واللَّه لأغرمنك غرمًا يشق عليك"، ثم قال للمزني (¬4): "كم ثمن ناقتك" فقال المزني: قد كنت واللَّه أمنعها من أربع مائة درهم، فقال عمر: "أعطه ثمان مائة درهم" (¬5).
• وجه الدلالة: أن عمر -رضي اللَّه عنه- أوجب على حاطب مثلي قيمة الناقة المسروقة،
¬__________
(¬1) وقد أخذ الإمام أحمد بهذا الحديث فأوجب على السارق ضعفي ما سرق، وهو سورة من صور العقوبات المالية. انظر: المغني (9/ 105)، دقائق أولي النهى (3/ 375)، كشاف القناع (6/ 139).
(¬2) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، ولد في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذكره جماعة في الصحابة، وذكره البخاري ومسلم وابن سعد والجمهور في التابعين، قال ابن سعد: "كان ثقة، قليل الحديث"، مات سنة (68 هـ). انظر: الإصابة 5/ 30، تهذيب التهذيب 6/ 158.
(¬3) هو أبو عبد اللَّه، كثير بن الصلت بن معدي كرب بن وكيعة بن شرحبيل بن معاوية الكندي، المدني، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت وجماعة، وكان كاتبًا لعبد الملك بن مروان على الرسائل ذكره بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وثقه العجلي، وابن حبان، قيل أنه أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجزم أبو حاتم الرازي وأبو أحمد العسكري وابن مندة وغيرهم أنه ولد في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر: تاريخ دمشق 50/ 34، الكاشف 3/ 5، تهذيب التهذيب 8/ 419.
(¬4) الرجل الذي من مزينة لم أجد له ترجمة خاصة بهذه القصة.
(¬5) أخرجه مالك في الموطأ (1436).
والحديث من حيث السند صحيح كما قال ابن حزم في المحلى (12/ 307): "هذا أثر عن عمر كالشمس"، لكن أهل العلم لم يأخذوا بعموم الحديث كما قال ابن عبد البر في الاستذكار (7/ 209): "أدخل مالك هذا الحديث في كتابه الموطأ وهو حديث لم يتوطأ عليه، ولا قال به أحد من الفقهاء ولا أرى العمل به".