كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
قال: (مطل الغني ظلم، فإذا أُتبع أحدكم على ملي فليتْبع) متفق عليه (¬1).
الدليل الثاني: عن الشريد بن سويد -رضي اللَّه عنه- (¬2) عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لَيُّ الواجد (¬3) يُحِل عرضه وعقوبته) (¬4).
• وجه الدلالة: في الحديث الأول بيان أن مماطلة الغني الذي يستطيع قضاء الناس أموالهم نوع من الظلم، وهذا الظلم يبيح للإمام عقوبته عليه، والسجن عقوبة تعزيرية، يُمكن بها أن يرتدع المدين ويرُد الأموال للغرماء (¬5).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن من امتنع من أداء الناس أموالهم وهو قادر على ذلك فإنه لا يجوز حبسه، وإنما يباع ماله، ويُعطى الغرماء أموالهم. وهو قول عمر بن عبد العزيز، وعبد اللَّه بن جعفر، والليث بن
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2166)، ومسلم رقم (1564).
(¬2) هو الشريد بن سويد الثقفي، من الطائف، شهد بيعة الرضوان، كان اسمه مالكًا، فسمي الشريد؛ لأنه شرد من المغيرة بن شعبة لما قتل رفقته الثقفيين، لم تُذكر له سنة وفاة. انظر: الاستيعاب 2/ 708، الإصابة 3/ 340، تهذيب الهذيب (4/ 292).
(¬3) اللَّي: هو المطل والتأخر، أما الواجد: فهو الموسر القادر. انظر: شرح النووي (10/ 227)، مجموع الفتاوى (30/ 23).
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه معلَّقًا.
ووصله أحمد (29/ 456)، وأبو داود رقم (3628)، والنسائي رقم (4689)، وابن ماجه رقم (2427).
والحديث صححه جمع من أهل العلم، فقال الحاكم في "المستدرك" (4/ 114): "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وقال الذهبي في تعليقه: "صحيح"، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (6/ 656): "هذا الحديث صحيح"، وقال ابن كثير في "تحفة الطالب" (363): "هذا إسناد جيد"، وقال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (2/ 824): "بإسناد صحيح"، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 62): "إسناده حسن"، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (3/ 578).
(¬5) انظر: العناية شرح الهداية (9/ 275)، أسنى المطالب (2/ 187).