كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
ونزع عمامته" (¬1).
• المخالف للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن شاهد الزور يُشهَّر فقط، ولا يُعزَّر بالجلد.
وهو قول أبي حنيفة، وعليه الفتوى عند الحنفية. وذكر الكاساني وغيره من الحنفية أن قول أبي حنيفة هذا هو فيمن تاب من شهادته، أما إن كان مُصرًا على شهادة الزور فإنه يُجلد حتى عند أبي حنيفة (¬2).
• دليل المخالف:
استدل أبو حنيفة بتشهير شاهد الزور دون الجلد بما يلي:
الدليل الأول: عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه أتي بشاهد زور فبعث به إلى عشيرته فقال: "إن هذا شاهد زور فاعرفوه" ثم خلّى سبيله ولم يجلده (¬3).
الدليل الثاني أنه فعل القاضي شُريح، حيث أُتي بشاهد زور فشهَّر به، ولم يجلده (¬4).
• وجه الدلالة: أن شُريحًا كان قاضيًا في زمن عمر وعلي رضي اللَّه عنهما، وقد قضى بذلك في زمنهما، ولا تخفى قضاياه عنهما، ولم يُنكر عليه أحد منهم (¬5).Rالمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن أبي حنيفة.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 367)، وعبد الرزاق في "المصنف" (8/ 326)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 142).
(¬2) انظر: البحر الرائق (7/ 125)، رد المحتار على الدر المختار (5/ 503)، الفتاوى الهندية (3/ 534).
(¬3) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 142)، من رواية علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، وقد ضعَّفه البيهقي بعلَّة الانقطاع.
(¬4) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 366)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 142).
(¬5) انظر: المبسوط (16/ 145)، بدائع الصنائع (6/ 289).