كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
المكلف عن مكروه توجه إليه" (¬1).
ثالثًا: صورة المسألة: إذا ثبت الحد على شخصٍ، فإنه لا يجوز للإمام أو غيره أخذ المال مقابل إسقاط الحد الذي ثبت، وكذا لو أراد من وجب عليه الحد أن يفتدي بمبلغ من المال لأجل إسقاط الحد عنه، أو الافتداء بشخص آخر، بأن يقيم غيره مكانه في الحد، فهنا لا يقبل منه الفداء.
وكذا لا يجوز إسقاط الحد بموجب الصلح، كأن يسرق شخص من آخر، ثم بعد رفعه للإمام وثبوت الحد، يتصالح من وجب عليه الحد والمسروق منه ويطلبان إسقاط الحد، وكذا لو تصالح الزاني مع المزني بها، فكل ذلك غير جائز.
• من نقل الإجماع: قال أبو بكر الجصاص (370 هـ): "اتفق جميع المتأولين لهذه الآية (¬2) على أن قبول الرشا محرم، واتفقوا على أنه من السحت الذي حرمه اللَّه تعالى. . . . ولا خلاف في تحريم الرُّشا على الأحكام، وأنها من السحت الذي حرمه اللَّه في كتابه، . . . . فلما حرم اللَّه أخذ الرُّشا على الأحكام، واتفقت الأمة عليه، دل ذلك على فساد قول القائلين بجواز أخذ الأبدال على الفروض والقرب" (¬3).
وقال بن حزم (456 هـ): "اتفقوا على تحريم الرشوة على قضاء بحق، أو باطل، أو تعجيلًا لقضاء بحق، أو باطل" (¬4).
وقال الكاساني (587 هـ): "لا خلاف في حد الزنا، والشرب، والسكر،
¬__________
(¬1) التعريفات (217)، وانظر: التوقيف على مهمات التعاريف (552)، وقال العسكري في "معجم الفروق اللغوية" (399): "الفرق بين الفداء والعدل: أن الفداء ما يجعل بدل الشيء لينزل على حاله التي كان عليها، وسواء كان مثله أو أنقص منه، والعدل ما كان من الفداء مِثلًا لما يفدى، ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 123]، وقال تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] أي مثله".
(¬2) أي قوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42].
(¬3) أحكام القرآن (2/ 607).
(¬4) مراتب الإجماع (50).