كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

والكلب العقور) (¬1) متفق عليه (¬2).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علل إباحة قتل هذه الأشياء في الحرم بفسقهن وعدوانهن، ومرتكب ما يوجب الحد فيه فسق وعدوان، فيعم الحكم بعموم العلة (¬3).
الدليل الرابع: أن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن ارتكاب المعاصي كغيرهم؛ حفظًا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فلو لم يشرع الحد في حق من ارتكب الحد في الحرم لتعطلت حدود اللَّه تعالى في حقهم، وفاتت هذه المصالح التي لا بد منها ولا يجوز الإخلال بها (¬4).
• المخالفون للإجماع: خالف ابن حزم فذهب إلى أنه لا يُقام حدٌ في الحرم، ولو كان من وجب عليه الحد قد أتى ما يوجب الحد في الحرم (¬5)، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن عمر، وابن عباس، وأبي شريح (¬6)،
¬__________
(¬1) أي الكلب الجارح، قال النووي في "شرح مسلم" (8/ 114): "واتفق العلماء على جواز قتل الكلب العقور للمحرم والحلال في الحل والحرم، واختلفوا في المراد به فقيل: هذا الكلب المعروف خاصة حكاه القاضي عن الأوزاعي وأبي حنيفة والحسن بن صالح وألحقوا به الذئب، وحمل زفر معنى الكلب على الذئب وحده، وقال جمهور العلماء ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذا الكلب المعروف بل المراد هو كل عاد مفترس غالبًا كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها، وهذا قول زيد بن أسلم، وسفيان الثوري، وابن عيينة، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، وحكاه القاضي عياض عنهم، وعن جمهور العلماء، ومعنى العقور والعاقر: الجارح".
(¬2) أخرجه البخاري رقم (1731)، ومسلم رقم (1198).
(¬3) انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (2/ 67)، طرح التثريب (5/ 56).
(¬4) انظر: المغني (9/ 92).
(¬5) انظر: المحلى (11/ 151)، ونسب الصنعاني هذا القول إلى بعض الهادوية في "سبل السلام" (2/ 479).
(¬6) هو أبو شريح، هانئ بن يزيد بن نهيك الحارثي، صحابي، كان يكنى أبا الحكم، لكونه يحكم بين الناس، فكناه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأبي شريح بابنه الأكبر شريح. انظر: التاريخ الكبير 8/ 227، تهذيب الكمال للمزي 30/ 146، الإصابة 6/ 523.

الصفحة 91