وأمَّا حفص بن عاصم؛ فكان من رواة العلم، وابنُه عُمر (¬1) بنُ حفص، وفيه يقول المُزَنيّ (¬2):
جزاكَ اللهُ يا عُمَرَ بنَ حفصٍ ... عن الإخوانِ جنَّاتِ النعيمِ
وكان لعُمرِ بنِ حفص من الولد: عَبْدُ الله، وعُبيد الله، ومحمد، وزيد، وعبد الرحمن، وعاصم، وأبو بكر، بنو عُمر بن حفص، وكلُّهم كانوا أصحابَ مروءة، وفضل في الدين والعلم، والخلُق الجميل (¬3). وكانوا يجلسون إلى نافع مولى ابن عمر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرَّوْضة، وكان مالك بنُ أنس يجلس معهم عند نافع، ويجلس مالك بعد موت (¬4) نافع في مجلسهم.
وكان من طولهم وعظم أجسامهم يسمَّوْن الشراجع، يُشبَّهون بالإبل العظام.
ونظر إليهم رجل من آل أبي طالب ورأى الناس يُهرعون إليهم، فقال: من هؤلاء؟ فقيل له: بنو عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخطاب. فقال: واللهِ لا قامت للشيعة قائمةٌ ما دام هؤلاء أحياءً. وكانوا يتشدَّدُون في الذنوب حتى يُخال أنهم يرون رأي الإباضيَّة.
¬__________
(¬1) في النسخ الخطية: عمرو (وكذا في المواضع التالية). والمثبت من جمهرة "نسب قريش" 2/ 820، و "التبيين في أنساب القرشيين" ص 417. وينظر "طبقات" ابن سعد 7/ 410 - 411.
(¬2) في النسخ الخطية (عدا (م) فالكلام ليس فيها) و "التبيين": المُرِّي. والمثبت من جمهرة "نسب قريش" 2/ 820، ومعجم ما استعجم" 4/ 1254.
(¬3) بعده في (أ) و (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها) ما صورته: "وعبد الله بن حفص هو الزاهد العمري الذي كان يعظ هارون الرشيد". وهو كلام مقحم ضمن السياق، على خطأ فيه. فإن المراد من سياق العبارة: هنا (وفي قوله الآتي قريبًا: عبد الله الزاهد) أنه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ومع ذلك فليس هذا بالزاهد العمري الذي كان يعظ هارون الرشيد، إنما ذاك هو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، كما في "حلية الأولياء" 8/ 283، و "صفة الصفوة" 2/ 181، وتاريخ الإسلام" 4/ 877. وغيرها. غير أن صاحب "مرآة الجنان" 1/ 381، وصاحب "شذرات الذهب" 1/ 279 ذكرا خبرا فيه وعظُ عبد الله بن عمر بن حفص لهارون الرشيد، وذكر له ابنُ قدامة وفي "التبيين" ص 418 خبرًا آخر مع الرشيد. والله أعلم.
(¬4) كذا في النسخ الخطية. وعبارة "التبيين": وبعد موت ... إلخ، بدل قوله: ويجلس مالك بعد موت ... إلخ. فلو قال: وجلَسَ مالك بعد ... إلخ، لكان أنسب. وينظر "نسب قريش" ص 362.