ومات سَلَمة - رضي الله عنه - بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابنُ ثمانين سنة (¬1).
وكان لما قُتل عثمان - رضي الله عنه - خرجَ سَلَمةُ إلى الرَّبَذَة، فأقام بها، وتزوَّج امرأةً، وولدت أولادًا, فلم يزل بها حتى قبلَ أنْ يموتَ بليالٍ؛ نزلَ المدينة (¬2)، وكُفَّ بصرُه في آخر عُمُره.
أسند سلمة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل: تسعين حديثًا، وقيل: سبعة وسبعين [أُخرجَ له في "الصحيحين" ثلاثون حديثًا؛ اتفقا على ستة عشر، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بتسعة (¬3).
وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، -رضي الله عنهم-، وكعبِ بن مالك - رضي الله عنه -.
وروى عنه ابنُه إياس بن سلمة [وبه كان يُكنى] وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والحسن بن محمَّد بن الحنفية في آخرين.
صفوان بن مُحْرِز
ابن زياد المازني التميمي، من الطبقة الثانية من أهل البصرة.
[قال ابن سعد: ] وكان له فضل وورع، وكان له سَرَبٌ لا يخرجُ منه إلا إلى الصلاة (¬4).
وكان أصحابه يجتمعون إليه ويتحدَّثون، فلا يرون تلك الرِّقَّة، فيقولون: يا صفوان، حدِّثْنا، فيقول: الحمدُ لله، فيرقُّ القوم، وتسيلُ دموعُهم كأنها أفواهُ المَزَاد (¬5).
[وروى ابنُ سعْد أيضًا عن الحسن أنه قال: قال صفوان بن مُحْرِز: إذا أكلتُ شيئًا أَشُدُّ به صُلْبي، وشربتُ كوزًا من ماء؛ فعلى الدنيا وأهلها العَفَاء.
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 5/ 214، ونسب القول في (ص) إليه.
(¬2) التاريخ الصغير للبخاري 1/ 184، ونُسب القول في (ص) إليه، وأخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 502.
(¬3) تلقيح فهوم أهل الأثر ص 365 و 392.
(¬4) طبقات ابن سعد 9/ 147. قوله: سَرَب، أي: بيت في الأرض. "مختار الصحاح".
(¬5) المصدر السابق.