كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

كطيِّ البئر، وبها قَرْنان، وإذا فيها أناس قد عرفتُهم، فجعلتُ أستعيذُ بالله من النار, فلقيَهما ملك آخر، فقال لي: لن تُرَعْ. فقَصَصْتُها على حفصة، فقَصَّتْها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "نِعْمَ الرجلُ عبدُ الله لو كان يصلِّي من الليل".
قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلًا. أخرجاه في "الصحيحين" (¬1).
وفي "الصحيحين" أيضًا عن نافع] (¬2) قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: رأيتُ في المنام كأنَّ بيدي قطعةَ إستبرق، ولا أُشير بها إلى مكان من الجنة إلا طارَتْ بي إليه، فقصَّتْها حفصة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن أخاك -أو إن عبد الله- رجل صالح".
[وقال (أبو نُعيم) (¬3) بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه قال: اجتمع في الحِجْر مصعب، وعروة، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عُمر، فقالوا: تَمنَّوْا. فقال عبد الله بنُ الزبير: أمَّا أنا فأتمنَّى الخلافة. وقال عروة: أمَّا أنا فأتمنّى أن يُؤخذ عني العلم. وقال مصعب: أمَّا أنا فأتمنّى إمرة العراق، والجمعَ بين عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين. وقال عبد الله: وأنا أتمنَّى المغفرة. قال: فنالُوا ما تَمنَّوْا, ولعلَّ ابن عمر قد غُفر له. وقال الزُّهري: وكان ابن عمر -واللهِ- أعقلَهم".
وروى أبو نُعيم أيضًا عن نافع قال (¬4): دخل ابن عمر الكعبة، فسمعتُه وهو ساجد يقول: اللهمَّ إنك تعلمُ أنْ ما يمنعُني من مزاحمة قريش على هذه الدنيا إلا خوفُك.
[وقال ابن سعد: سُئل ابنُ عمر عمَّا لا يعلم، فقال: لا أعلم] (¬5).
¬__________
(¬1) صحيح البخاري (1121)، وصحيح مسلم (2479).
(¬2) صحيح البخاري (1156)، وصحيح مسلم (2478). وأخرجه أيضًا ابن سعد 4/ 137. ومن قوله: قال البخاري حدثني محمود ... إلى هذا الوضع (وهو بين حاصرتين) من (ص) و (م).
(¬3) لفظ: (أبو نُعيم) بين قوسين عاديَّين من عندي للإيضاح، ولأن الكلام ليس معطوفًا على ما قبله، ولقوله في الخبر بعده: وروى أبو نُعيم أيضًا ... والخبر في "حلية الأولياء" 1/ 309، وهو من (م) و (ص).
(¬4) حلية الأولياء 1/ 292.
(¬5) طبقات ابن سعد 4/ 134، والكلام بين حاصرتين من (ص) و (م).

الصفحة 117