كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

وقال نافع: اشتهى (¬1) ابنُ عُمر عِنَبًا، فاشتُرِيَ له عنقود بدرهم، فجاء مسكين يسأل، فقال: أعطُوه إيَّاه، فخالفَ إليه إنسانٌ، فاشتراه منه بدرهم، ثم جاء به إلى ابن عمر، فجاء سائلٌ آخر (¬2)، فأعطاه. فعل ذلك مرارًا والرجل يشتريه، ولو علم ابن عمر لما ذاقه.
وكان يقال له: إنك تجوع! قال: ربَّما يأتي عليَّ سبعُ سنين لا أشبعُ فيها، وكيف أشبع وقد بقي من عمري ظِمْءُ حمار (¬3).
[قال أبو نُعيم: ] وجاءه رجل من أهل العراق وقال: قد عملتُ لك جَوارشًا (¬4) يهضمُ الطعام، فقال: ما ملأتُ بطني من طعام منذ أربعين سنة (¬5)! وفي رواية: ما شبعت منذ أسلمت (¬6).
[وروى أبو عُبيد القاسم بن سلَّام قال: ] وجاء سائل إليه فقال لابنه: أعطه دينارًا. فقال له ابنُه: تقبَّلَ اللهُ منك. فقال: لو علمت أنه يتقبَّلُ مني؛ لَطِرْتُ فرحًا {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] (¬7).
وقال مجاهد: صحبتُ ابنَ عمر وأنا أريد أن أخدمَه، فكان يخدمني أكثر (¬8).
وقال نافع: كان ابن عمر يحيي الليل كلَّه صلاةً، ثم يقول: يا نافع، أَسْحَرْنا؟ فأقولُ: نعم، فيجلسُ ويستغفرُ ويدعو حتى يُصبح. وكان يحيي ما بين الظهر والعصر (¬9).
¬__________
(¬1) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): اشترى. ولا معنى لها. وصححت اللفظة من قِبلي. فقد جاء في "حلية الأولياء" 1/ 297 عن نافع أن ابن عمر اشتهى عنبًا وهو مريض، فاشتريتُ له عنقودًا بدرهم ... وفي رواية أخرى عن نافع أن ابن عمر - رضي الله عنه - اشتكى، فاشتُرِيَ له عنقودُ عنب بدرهم ... ولم يرد هذا الخبر في (ص) و (م).
(¬2) في "الحلية" في الروايتين المذكورتين آنفًا أن السائل الأول هو الذي عاد وسأل.
(¬3) في "القاموس": الظِّمْءُ: ما بين الشَّربتين والوِرْدَيْن ... "وما بقي منه إلا ظِمْءُ الحمار" أي: يسير؛ لأنه ليس شيءٌ أقصرَ ظِمْئًا منه. والخبر بنحوه في "الحلية" 1/ 299.
(¬4) كذا في (أ) و (ب) و (خ) و (د). وفي (ص) و (م): جوارشنًا.
(¬5) حلية الأولياء 1/ 300. وهو بنحوه في "طبقات" ابن سعد 4/ 140، و"تاريخ دمشق" 37/ 68 (طبعة مجمع دمشق).
(¬6) المصدر السابق 1/ 299، وفيه أيضًا 1/ 300، وفي "طبقات" ابن سعد 4/ 140: ما ملأتُ بطني من طعام من أربعة أشهر.
(¬7) صفة الصفوة 1/ 576.
(¬8) الزُّهد لأحمد ص 241، ونُسب القول في (ص) و (م) لعبد الله بن أحمد عن أبيه.
(¬9) حلية الأولياء 1/ 303 - 304. ونُسب القول في (ص) و (م) إليه. وينظر "الزهد" لأحمد ص 241.

الصفحة 120