كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

وكان يقول: لا أُقاتل في الفتنة، وأُصلِّي مع من غلب (¬1).
وكان يصلِّي خلف الحجاج بمكة، فلما أخَّر الحجاح الصلاة لم يشهدها معه، وخرج منها.
[قال ابن سعد: ] ولمَّا قُتل عثمان رضوان الله عليه قال الناس له: إنك سيِّدُ الناس وابنُ سيِّدهم، فهلمَّ نُبايِعْك وإلا قتلناك، فقال: والله لا أُريقُ بسببي مِحْجَمَةَ دم من هذه الأمَّة (¬2).
وجاءه رجل، فقال: ما أحدٌ شرًّا لأمَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - منك، فقال: ولم؟ ! فواللهِ ما سفَكْتُ دماءهم، ولا فرَّقتُ جماعتَهم، ولا شَقَقْتُ عصاهم! قال: إنك لو شئتَ ما اختلف عليك اثنان. فقال: واللهِ ما أُحبُّ أنَّها أتَتْني ورجلٌ يقول: لا، وآخرُ يقول: بلى (¬3).
وكتبَ إلى أبيه: من عبد الله بن عمر إلى عمر بن الخطاب.
[قال: وكان يتنوَّر، يطليه صاحب الحمَّام، فإذا بلغ العانةَ؛ وَلِيَها بيده.
وفي رواية: ما تنوَّر إلا مرَّة واحدة] (¬4).
وكان يدخلُ الحمَّام ويقول: بئس البيتُ نُزِعَ منه الحياء، ونِعْمَ البيتُ يتذكَّرُ فيه من أرادَ أن يتذكَّر.
[قال: وخَدِرَتْ رِجْلُه يومًا، فقيل له: ادْعُ أحبَّ الناس إليك. فقال: يا محمَّد. فبسطها] (¬5).
وقال: إني لأخرجُ من بيتي ما أخرجُ إلا لأُسَلِّمَ، أو يُسَلَّمَ عليّ (¬6).
وحضر يومًا بمكة والحَجَّاج يخطب، فأطال، فناداه: الصلاةَ أيُّها الرجل. فلم يلتفت، فناداه ثانيًا وثالثًا ورابعًا وهو قاعد، فقال للجماعة: إنْ نهضتُ أتنهضونَ معي؟ قالوا: نعم. فنهض وقال: الصلاةَ، فإنِّي لا أرى لك فيها حاجة. فنزل الحَجَّاج فصلَّى،
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 4/ 139.
(¬2) المصدر السابق 4/ 141، وبنحوه في "حلية الأولياء" 1/ 293.
(¬3) المصدر السابق 4/ 142.
(¬4) طبقات ابن سعد 4/ 134. والكلام بين حاصرتين من (ص) و (م).
(¬5) طبقات ابن سعد 4/ 144. وما بين حاصرتين من (ص).
(¬6) المصدر السابق 4/ 145.

الصفحة 122