كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

قد شمَّرَتْ عن ساقها تشميرا (¬1)
هذا أوانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ ... قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
ليس براعي إبلٍ ولا غَنَمْ ... ولا بجزَّارٍ على ظَهْرِ وَضَمْ (¬2)
باتُوا نِيامًا وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ
قد لَفَّها الليلُ بِعَصْلَبِيِّ ... مُهاجِرٍ ليس بأعرابي
أرْوَعَ خرَّاجٍ من الدوي (¬3)
يا أهل الشِّقاق ومساوئ الأخلاق، إنَّ أمير المؤمنين نثلَ (¬4) كِنانتَه بين يديه، فعَجَم عِيدانَها عُودًا عُودًا، فوجدَني أمرها، وأحدَّها نَصْلًا، وأقومَها قَدْحًا (¬5)، فبعث بي إليكم، فإنْ تستقيموا تستقم [لكم الأمور] وإن أخذتُم بثنيَّات الطريق لا أقلتُكم عَثْرَة، ولا قبلتُ منكم معذرة، ولأَعْصِبنكم عَصْبَ السَّلَم، ولأضربنَّكم ضَرْبَ غرائب الإبل، ولأَقْرَعَنَّكم قَرْعَ المَرْوَة، فطالما ارتضعتُم ثديَ الضلالة (¬6)، وسلكتم سبيل الغَواية، وتماديتُم في الجهالة، يا عَبِيد العصا، ويا أولاد الإماء، أنا الغلام الثقفيّ، لا أَعِدُ إلا وفَيت، ولا أَخْلُقُ إلا فَرَيت (¬7)، فإياكم وهذه الزَّرافات، يا بني اللَّكيعة (¬8)، ما أنتم وذاك؟ إنما مَثَلُكم كما قال الله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 6/ 203. وفي "البيان والتبيين" 2/ 308: فشمِّرا. وفي "العقد الفريد" 4/ 121: فشدوا، وفي "مروج الذهب" 5/ 294: فَجِدُّوا.
(¬2) قال الطبري 6/ 205: زِيَم: اسم للحرب، والحُطَم: الذي يحطم كل شيء يمرُّ به. والوَضَم: ما وُقيَ به اللحم من الأرض.
(¬3) العَصلَبي: الشديد. والدّويّة: الأرض الفضاء التي يُسمع فيها دويّ أخفاف الإبل. قاله الطبري.
(¬4) كذا في (أ) و (ب) و (خ) و (د) يعني استخرج. ولم يرد الخبر في (ص) و (م). وجاء في هامش (أ): لعله: نثر. وهي كذلك في "تاريخ الطبري" 6/ 203، و"العقد الفريد" 4/ 121، و"مروج الذهب" 5/ 295. وفي "البيان والتبيين" 2/ 309: كبَّ.
(¬5) في "مروج الذهب" 5/ 295: "أمرَّها طعمًا، وأحدها سنانًا، وأقواها قِداحًا". وقوله: عَجَمَ عيدانَها، أي: عضَّها. قاله الطبري.
(¬6) في "مروج الذهب": أوضعتم في الضلالة. وما سلف بين حاصرتين منه.
(¬7) أي: ما قدَّرْتُ إلا قطعت. ينظر "اللسان" (خلق).
(¬8) اللَّكيعة: الأمَّة اللئيمة. وبنو اللكيعة: قوم. ينظر "اللسان" (لكع).

الصفحة 139