فأجابَتْه:
وعَيَّرْتَنْي داءً بأمك مثلُهُ ... وأي حَصَانٍ لا يُقالُ لها هلا (¬1)
[وكانت ليلى تفدُ على عبد الملك والحجَّاج]؛ دخلت [يومًا] على عبد الملك بعد ما أسنَّت، فقال لها: ما رأى منكِ توبةُ حتى عَشِقَكِ؟ ! فقالت: ما رأى الناس منك حيث جعلوك خليفة! والذي فرق بيننا ما كلَّمني يومًا بكلمةِ سوء قط.
[وقال الخرائطي بإسناده عن عبد الله (¬2) بن أبي الليث قال: قال عبد الملك بن مروان لليلى الأخيلية: باللهِ هل كان بينَكِ وبين توبة سوء قَط؟ فقالت: والذي ذهب بنفسه وهو قادر على الذهاب بنفسي ما كان بيني وبينه سوء قطّ، إلا أنه قدم من سفر، فصافحتُه، فغمز يدي، فظننتُ أنه يخنع لبعض الأمر] قال: فما معنى قولك (¬3):
وذي حاجةٍ قلنا له لا تَبُحْ بها ... فليس إليها ما حييتَ سبيلُ
لنا صاحب لا ينبغي أنْ نخونَهُ ... وأنتَ لأُخرى فاعلمنَّ حليلُ
فقالت: لا والله ما كان شيءٌ قطّ.
وقال الشعبي (¬4): دخلَتْ ليلى الأخيليَّة على الحجَّاج وأنا حاضر، فقال: ما الذي أقدمَكِ علينا؟ فقالت: إخلافُ النجوم، وقلَّةُ الغيوم، وكَلَبُ البَرْد، وشدَّةُ الجَهْد، وأنْتَ لنا بعد الله الرِّفْد. فقال لها: صِفِي حال البلاد. فقالت: أمَّا الفِجاج فمُغْبَرَّة، وأمَّا الأرضُ فمقشعرة، وأمَّا المَبْرَكُ فمعتلّ، وأمَّا ذو العيال فمختلّ، وأمَّا الناسُ فمُسْنِتُون، ولرحمة (¬5) الله راجون، وقد أصابنا سِنونَ لم تدع لنا هُبَعًا ولا رُبَعًا، ولا عافطة ولا نافطة، أذهبت الأموال، ومزَّقت الرجال، وأهلكت العيال (¬6). وأنشدت:
¬__________
(¬1) في "الشعر والشعراء" 1/ 449: وأيّ جواد لا يقال له هلا.
(¬2) في (ص): عبد الملك، وهو خطأ، والمثبت من (م) (والخبر من هاتين النسختين). وهو عند الخرائطي في "اعتلال القلوب" ص 96، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"ص 327 - 328 (تراجم النساء).
(¬3) في (م): قوله. وما سلف بين حاصرتين من (ص) و (م).
(¬4) في (ص) و (م): وحكى المدائني عن الشعبي قال.
(¬5) المثبت من (ص) و (م)، وهو الموافق لما في "تاريخ دمشق" ص 330 (تراجم النساء). وفي النسخ الأخرى: ولوجه.
(¬6) شرح المفردات من "الأمالي" 1/ 89: قولها: إخلاف النجوم، تريد أخلفت النجومُ التي يكون بها المطر، فلم تأت بمطر. وكَلَب البرد: شدَّتُه. والرِّفْد: المعونة. والفِجاج جمع فَجّ، والفَجّ: كل سَعَة بين نَشازَين (أي: =