كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

فاردَفْتُهم كلبًا فراحوا كأنما ... حَباهُمْ بتاج الهُرْمُزان أميرُ
فيا راكبًا إمَّا عَرَضْتَ فبلِّغَنْ ... ثُمامةَ عني والأمورُ تدورُ
فأمُّكُمُ لا تتركُوها وكلبَكم ... فإنَّ عقوق الأمَّهاتِ كبيرُ
إذا ما انتشى من آخرِ الليلِ نَشْوةً ... يبيتُ له (¬1) فوق الفراشِ هريرُ
فاستَعْدَوْا عليه عثمان، فحبَسه، فمات في الحبس. وكان قد اتَّخَذَ مشاقص ليقتلَ بها عثمان، فلم يقدر، فقال في مرضه:
وقائلةٍ لا يُبعدُ اللهُ ضابئًا ... إذا اخضرَّ من وقت الشتاء أصائلُهْ
وقائلةٍ لا يبعد الله ضابئًا (¬2) ... إذا القِرْنُ لم يوجد له مَنْ ينازلُهْ
هممتُ ولم أفعلْ وكِدْتُ وليتني ... تركتُ على عثمانَ تبكي حلائلُهْ
ولما قُتل عثمان دخل عليه عمير هذا، فكسرَ ضِلَعًا من أضلاعه بثأر أبيه، وقال: أنتَ حبستَ ضابئًا يا نَعْثَل.
فقال الحجَّاجُ: ردُّوه. فردُّوه، فقال: أتشهدُ يوم الدار بنفسك، وتبعثُ عنك في غيرها بديلا؟ ! إني لأحسب في قتلك صلاحَ المِصْرَين، قم يا حَرَسيّ فاضربْ عُنقَه. فقامَ فضرب عنقه.
وسمع ضوضاء على الباب، فقال: ما هذا؟ فقالوا: البراجم ينتظرون عُميرًا. فقال: أتحفوهم (¬3) برأسه. فألَقوْه إليهم، فولَّوْا هاربين، ولحقوا بمراكزهم، فكان أوَّل من قتله الحجاجُ بالكوفة، فقال الناس: قدم الكوفة رجلٌ من شرِّ أحياء العرب من هذا الحيّ من ثمود، دقيق الساقين، ممسوح الجاعِرَتَين، أخفش العينين، فقدَّم سيِّد الحيِّ عُميرَ بنَ ضابئ، فقتله (¬4).
¬__________
(¬1) في (أ): لها. والأبيات في "الشعر والشعراء" 1/ 350.
(¬2) في (م): قولها.
(¬3) المثبت من (م)، وهو موافق لما في "المنتظم" 6/ 163. وفي النسخ الأخرى: الحقوهم.
(¬4) المنتظم 6/ 161 - 163 دون قوله: فكان أول من قتله الحجاج ... إلخ. وقد سلف في الرواية قبلها.

الصفحة 187