قال: نعم. فمات صعب، فرآه عوف في المنام فقال: يا أخي، ما فعل الله بكم؟ قال: غفرَ لنا بعد المصائب (¬1).
قال: ورأيتُ لَمْعةً سوداء في عنقه، فقلت: أي أُخَيّ، ما هذه؟ قال: عشرة دنانير استلفتُها من فلان اليهوديّ، وهي في قَرَني (¬2)، فأعطُوه إيَّاها، واعْلَمْ أي أُخَيَّ أنه لم يحدثْ في أهلي حَدَثٌ بعدي إلا لحق بي خبرُه (¬3)، حتى هرَّة لنا ماتت منذ أيام، وإنَّ ابنتي تموتُ إلى ستة أيام، فاستَوْصُوا بها معروفًا.
قال عوف: فلما أصبحتُ أتيتُ أهله، فقالوا: مرحبًا، إنك لم تقرَبْنا منذ مات الصعب، أهكذا تصنعون بإخوانكم؟ ! فاعتذرتُ إليهم بما يعتذر الناس، فنظرتُ إلى القَرَن وهو معلق، فأنزلته، وقلبتُه، فبدرتُ الصُّرَّة التي فيها الدنانير، فأرسلتُ إلى اليهوديّ، فجاء، فقلت: هل كان لك على صعب شيء؟ قال: رحمه الله، لقد كان من خيار أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، هي له. قلت: أخبرني. قال: استلف مني عشرة دنانير. فنبذتُها إليه، فقال: هي واللهِ بأعيانها. فقلتُ: هذه واحدة. وقلتُ: هل حدثَ فيكم حَدَثٌ بعد موته. قالوا: نعم هِرَّةٌ ماتت منذ أيام. قلتُ: هاتان اثنتان. قلت: وكيف بنتُ أخي؟ قالوا: ها هي. فجاءت، فلمستها فهذا هي محمومة. فقلت: استَوْصُوا بها خيرًا. فماتت بعد ستة أيام.
[وفيها قُتل]
مصعب بن الزبير
ابن العوَّام، أبو عبد الله (¬4) [ولم يكن له ولد اسمه عبد الله] من الطبقة الثانية من التابعين من أهل المدينة (¬5)، وكنيتُه المشهورة أبو عيسى (¬6).
¬__________
(¬1) في النسخ: السائب. والتصويب من المصدرين السابقين.
(¬2) أي: جَعْبَتي (كِنانة النبل).
(¬3) في النسخ: لحقني أجره، بدل: لحق بي خبره. والتصويب من المصدرين السابقين.
(¬4) في (م): وأمُّه الرباب بنت أُنيف بن عُبيد، كلبيَّة، وحكى ابن سعد أنه كان يُكنى أبا عبد الله ... إلخ. وما سيرد بين حاصرتين من (م).
(¬5) طبقات ابن سعد 7/ 181 - 182.
(¬6) تاريخ دمشق 67/ 335 (طبعة مجمع دمشق).