[وقال الزُّبير بن بكّار: ] كان [مصعب] من أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا، جوادًا سمحًا مُمدَّحًا (¬1).
وكان يجالسُ أبا هريرة، ورآه جميل بثينة على عرفات، فقال: إن ها هنا لشابًّا أكره أن تراه بُثينة. يعني لجماله (¬2).
وكان يسمَّى آنية النَّحْل؛ لجُوده (¬3).
قيل لعبد الله بن عُمر - رضي الله عنهما -: أيُّ أولادِ الزُّبير أشجع؟ فقال: ما منهم إلا من يمشي إلى الموت وهو يراه، ولا كمصعب.
وقال إسماعيل بن أبي خالد: ما رأيتُ أميرًا قطُّ أجملَ من مصعب بن الزبير على المنبر (¬4).
وقال الشعبي: استدعاني مصعب يومًا بالكوفة لأمر جرى بينه وبين عائشة بنت طلحة، فدخلتُ عليه وهي جالسة، فسألني عما أراد، فأجبتُه، فقال: يا شعبيّ، هل رأيتَ مثلَ هذه؟ قلت: لا. وقمتُ فخرجتُ، فقالت له عائشة: أتَجْلُوني عليه بغير نِثار (¬5)؟ فقال لها: للهِ دَرُّكِ! فبعث إليَّ بعشرة آلاف درهم.
قال: وكنتُ جالسًا عنده، فأُتيَ برجل، فأمرَ بضربِ عُنقه، فقال له: أيُّها الأمير، ما أقبحَ بمثلي أن يقومَ غدًا في القيامة، فيتعلقَ بأطرافكَ الحِسان، ووجهك المليح الذي يُستضاء به، فأقول: يا ربّ، سَلْ مصعبًا بمَ قتلَني؟ فرقَّ له وقال: قد عفوتُ عنك. فقال الرجل: إنْ رأى الأميرُ أن يجعلَ ما بقيَ من حياتي في عيش رقيق الحواشي فليفعل. فأمرَ له بمئة ألف درهم، فقال: فإني أُشهدُك أنَّ لْصفَها لابن (¬6) قيس الرُّقَيَّات. قال: ولمَ؟ قال: لقوله فيك:
إنَّما مصعبٌ شهابٌ من اللهِ ... تَجَلَّتْ عن وَجْهِهِ الظَّلماءُ
¬__________
(¬1) المصدر السابق 67/ 337.
(¬2) المصدر السابق 67/ 341.
(¬3) ثمار القلوب ص 508، و "تاريخ دمشق" 67/ 337.
(¬4) طبقات ابن سعد 7/ 182. ونُسب الكلام في (م) إليه.
(¬5) أي: عطاء. والنِّثار ما ينثر في الأعراس من مال أو حلوى. وفي "تاريخ دمشق" 67/ 350: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئًا؟
(¬6) في النسخ (غير م، فالكلام ليس فيها): لبني. والتصويب من "تاريخ دمشق" 67/ 249، والخبر فيه بنحوه.