قال الطبري: وفي هذه السنة بنى الحجاج واسِطًا، وسببُه أنه ضرب البعث على أهل الكوفة إلى خُراسان، فعسكروا بحمَّام أَعْيَن (¬1).
وكان فتًى من أهل الكوفة حديثَ عهدٍ بعُرسٍ، فكان يأتي ابنةَ عمِّه ثم يعود إلى العسكر، وكان رجل من أهل الشام يأتي إلى منزل الفتى، فيتعرَّض لامرأته كلَّ ليلةٍ، فشكت إلى ابنِ عمّها فقال: إذا جاء الليلة فأدخليه، ووقف له خلفَ الباب، فلما دخل قتلَه، وأخبر الحجاج فأهدَر دمَه وقال: لا يَنزلَنَّ أحدٌ على أحد.
ثم أمر الرُّوَّاد فارتادوا له مكانَ واسِط.
والأصح: أنه شرع فيها في سنة خمس وسبعين (¬2)، وفرغ منها في سنة ثمان وسبعين.
وحجَّ بالناس في هذه السنة هشام بن إسماعيل المخزومي، وكان واليًا على المدينة.
فصل: وفيها توفي
أبو الجَوزاء
[واسمه] أوس بن خالد الرَّبَعيّ البصري، وقيل: خالد بن سُمَير (¬3).
[ذكره ابن سعد] من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة، [وحكى أنه] قال: صحبتُ ابنَ عباس اثنتي عشرة سنة، فما بقي في القرآن آية إلا سألتُه عنها.
[وذكر ابن سعد أن أبا الجوزاء] لم يلعن شيئًا قطُّ، ولا أكل طعامًا ملعونًا.
[قال: ] وكان يقول: لأن تمتلئ داري قردةً وخنازير؛ أحبُّ إليَّ من أن أجاور رجلًا من أهل الأهواء.
¬__________
(¬1) في الطبري 6/ 383، و"المنتظم"6/ 249: بحمام عمر.
(¬2) بعدها في (ص): وقد ذكرنا السبب هناك.
(¬3) كذا في النسخ غير (ص)، فليس فيها هذه العبارة، وقد اختلفوا في اسم هذا الرجل على قولين: أوس بن خالد الربعي البصري، وأوس بن عبد الله، فقال بالأول ابن سعد 9/ 222، وابن قتيبة في "المعارف" 469، وابن الجوزي في "الصفوة" 3/ 258، وقال بالثاني خليفة في طبقاته 205، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 16، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 304، وأبو نعيم في "الحلية"3/ 78، والمزي في "تهذيبه" (571)، والذهبي في "السير"4/ 371.
وأما خالد بن سمير فهو رجل آخر، ذكره ابن سعد 9/ 222 قبل أبي الجوزاء، ولم يذكر له أخبارًا، فلعل هذا ما أوقع المصنف أو المختصِر في الوهم، وقد ترجم له المزي (1604).