كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

يعني أنها ما كانت تظهر له محبَّتَها، فلما علم بحبِّها إياه ندم على إقدامه على القتل (¬1).
فلما قُتل خرجت [سُكينة] تطوف عليه بين القتلى، فعرفَتْه بشامةٍ في فخذه، فأكَبَّتْ عليه تقبِّلُه وتبكي وتقول: رحمك الله، فواللهِ لقد كنتَ نِعْمَ حليلُ المرأة المسلمة، أدركَكَ ما قال عنترة. وأنشدت الأبيات:
ليس الكريمُ على القَنَا بمحرَّمِ (¬2)
ذكر ما رُثي به من الشعر، وما قال عبد الملك بعد قتله:
وقد رثاه جماعة؛ قال ابنُ قيس الرُّقَيَّات:
لقد أوْرَثَ المِصْرَينِ حُزْنًا وذِلَّةً ... قتيلٌ بدَيرِ الجاثَليقِ مقيمُ
فما نَصَحَتْ للهِ بكرُ بنُ وائلٍ ... ولا صَبَرَتْ عند اللقاءِ تميمُ
ولو كان بكريًّا تعطَّفَ حولَهُ ... كتائبُ تجري حولَه وتَحومُ
ولكنه ضاع الذِّمامُ ولم يكن ... بها مُضَريٌّ يومَ ذاكَ كريمُ
جزى الله كوفيًّا هناك مَلامةً ... وبَصْرِيَّهم (¬3) إن اللئيمَ ملومُ
من أبيات.
ورثاه المغيرة بن عبد الله الأسدي الكوفي، وكنيتُه أبو مُعْرِض، ويُعرف بالأُقَيشر بحمرة وجهه (¬4):
فسقى السحائبُ والنجومُ بأسرها (¬5) ... جسدًا بِمَسْكِنَ عاريَ الأوصالِ
¬__________
(¬1) في هذا الكلام نظر، ففيه صرف عن حقيقة المعنى والهدف الَّذي كان عليه مصعب. وهذه رواية هشام ابن الكلي، وهو متروك.
(¬2) تاريخ دمشق 67/ 368، وفيه بيتان لعنترة:
وحليلِ غانيةٍ تركتُ مجدَّلًا ... بالقاع لم يعهدْ ولم يتثلَّمِ
فهتكتُ بالرُّمح الطويل إهابَهُ ... ليس الكريمُ على القَنَا بمحرَّمِ
(¬3) في النسخ الخطية (غير م، فليس فيها): واسريهم! والمثبت من "ديوان" ابن قيس الرقيات ص 197، والأبيات فيه ببعض الاختلاف، وكذا في "تاريخ دمشق" 67/ 377.
(¬4) لم أقف على الأبيات للأقيشر، ونسب ابن كثير في "البداية والنهاية" 12/ 156 الأبيات لعُبيد الله بن قيس الرقيات، وهي في "ديوانه " ص 191.
(¬5) في المصدرين السابقين: نعت السحائبُ والغمامُ بأسرها.

الصفحة 34