عَذِيرَ الحيِّ من عَدْوا ... نَ كانوا حَيَّةَ الأرضِ
بَغَى بعضٌ على بعضٍ ... فلم يَرْعَوا (¬1) على بعضِ
ومنهم كانت السادا ... تُ والمُوفُون بالقَرْضِ
ثم أقبل عبدُ الملك على الرجل الجسيم وقال: إيه. يستنطقُه. فقال. لا أدري. قال معبد: فقلت:
ومنهم حَكَمٌ يقضي (¬2) ... ولا يُنقَضُ ما يقضي
ومنهم مَنْ يُجيزُ الحجَّ (¬3) ... بالسُّنَّةِ والفَرْضِ
وهُمْ من ولدٍ ينزع (¬4) ... بِسِرِّ النَّسَبِ المَحْضِ
قال: فلم يلتفت إليَّ عبدُ الملك، وأقبلَ على الرجل الوسيم فقال: من يقول هذا؟ فقال: لا أدري. فقال معبد: فقلتُ من خلفه: ذو الإصبع العَدْواني. فلم يلتفت إليَّ وأقبل على الجميل، فقال: ولِمَ سمِّي ذو الإصبع (¬5)؟ فقال: لا أدري. فقلتُ من خلفه: [لأنَّ حيَّةً عَضَّتْ إصبعَه، فقَطَعَتْها. فأقبل على الجميل فقال: ما كان اسمُه؟ فقال: لا أدري. فقلتُ من خلفه: ] حُرْثان بن الحارث. فلم يلتفت إليَّ وقال للجميل: من أيكم كان؟ فقال: لا أدري. فقلتُ من خلفه: من بني تاج. فأقبل على الجسيم وقال: كم عطاؤك؟ قال: سبعُ مئة. ثم التفتَ إليَّ وقال: كم عطاؤك؟ قلت: ثلاث مئة. فقال للكاتب: حطَّ من عطاء هذا -يعني الجميل- أربعَ مئة، وزِدْها في عطاء هذا. يعني معبدًا. فرجع معبد في سبع مئة، والرجل الجميل في ثلاث مئة (¬6).
¬__________
(¬1) في "الأغاني" 3/ 89: فلم يُبْقوا.
(¬2) قال أبو الفَرَج في "الأغاني" 3/ 90: يعني عامر بن الظَّرِب العَدْواني، كان حكمًا للعرب تحتكم إليه.
(¬3) في رواية "الأغاني" 3/ 92: يجيز الناس، وهما بمعنى. قال أبو الفَرَج: إن إجازة الحج كانت لخزاعة، فأخذَتْها منهم عَدْوان، فصارت إلى رجل منهم يقال له: أبو سيَّارة.
(¬4) لم أقف على هذا اللفظ. ورواية الأغاني: وهم من وَلَدُوا أشْبَوا. وفي "تاريخ" الطبري 6/ 163: وهم مذ ولدوا شبُّوا. وفي "تاريخ دمشق" 68/ 413، و"تهذيب الكمال " 28/ 231 (كلاهما في ترجمة معبد بن خالد): وهم من ولدوا أسنوا.
(¬5) كذا. والجادَّة: ذا الإصبع.
(¬6) ينظر: أنساب الأشراف 6/ 213 - 214، و"تاريخ" الطبري 6/ 162 - 164، والأغاني 3/ 91 - 93، و"تاريخ دمشق" 68/ 413، وتهذيب الكمال 28/ 230 - 232 (ترجمة معبد بن خالد) وما سلف بين حاصرتين منها.