كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

وأبوه حُرَيث من الصحابة، روى عنه ابنُه عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الكَمْأَةُ من المَنِّ، وماؤها شِفاءٌ للعين" (¬1).
[فصل: وفيها توفي]

واثِلة بن الأَسْقَع
ابن عبد العُزَّى بن عَبدِ ياليل بن ناشِب بن غِيَرة بن سعد بن لَيث، أبو قِرصَافَةَ اللَّيثي.
من الطبقة الثالثة من المهاجرين (¬2)، كان ينزل ناحية المدينة، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى معه الصُّبح، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى وانصرف يتصفَّح وجوه أصحابه ينظر إليهم، فلما دنا منه أنكره فقال: مَن أنت؟ فأخبره، فقال: "ما جاء بك"؟ قال: جئتُ أبايع، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على ما أحبَبْتَ وكَرهتَ؟ ! " قال: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما أطَقْتَ"؟ قال: نعم، فأسلم وبايعه. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتجهَّز يومئذ إلى تبوك.
فخرج واثلة إلى أهله، فلقي أباه الأَسْقَع، فلما رأى حاله قال: قد فعلتَها، قال واثلة: نعم، فقال أبوه: والله لا كَلَّمتُك أبدًا، فأتى عمّه فكلمه فلم يكلمه وقال: قد فعلتَها، قال: نعم، فلامه لائمةً أيسرَ من لائمةِ أبيه وقال: لم يكن ينبغي لك أن تَسبقَنا بأمر.
وسمعت أختُ واثلة كلامَه، فخرجت فحيَّتْه بتحيةِ الإِسلام، فقال لها واثلة: من أين لك هذا يا أُخَيَّة؟ قالت: سمعتُ كلامَك وكلامَ عمِّك، وكان واثلة ذكر الإِسلام ووصفه لعمِّه فأعجب أُختَه فأسلمت، فقال لها واثلة: لقد أراد الله بك خيرًا يا أُخَية؛ فجهّزي أخاك جهازَ غازٍ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جَناح سَفَر، فأعطته مُدًّا من دقيق وتمر.
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد (1627) وأخرجه البخاري (4478) ومسلم (2049) من طريق عمرو بن حُريث عن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - وانظر في ترجمة عمرو بن حريث: "طبقات ابن سعد" 6/ 534 و 8/ 146، و "السير" 3/ 417 وما في حواشيه من مصادر.
(¬2) بعدها في (ص): ولم يشهد بدرًا ولا أحدًا وإنما أتى رسول الله (ص) فأسلم على يده وهو يتجهز إلى تبوك وجعل يقول: من يحملني عقبة وله سهمي، فحمله كعب بن عجرة فحصل له قلائص فدفعها إلى كعب فلم يأخذها وقال: إنما حملناك لله تعالى، وقد ذكر القصة ابن سعد. والمثبت من النسخ (أ) و (خ) و (د).

الصفحة 361