كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

وأتى المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تحمَّل إلى تبوك، وبقي بقيَّةٌ من الناس، فجعل ينادي: مَن يَحملني وله سهمي؟ وسمعه كعب بن عُجْرَة فقال: أنا أحملك عُقْبَةً بالليل، وعُقْبةً بالنهار، ويدي ويدك (¬1)، وسهمُك لي، فقال واثلة: نعم، قال واثلة: فجزاه الله خيرًا.
قال: وسار خالد بن الوليد إلى أُكَيدِرِ دُوْمَة، وخرجتُ معه، فأصَبْنا فَيئًا كثيرًا، وأصابني ستُّ قَلائص، فجئتُ أسوقُها إلى خيمة كعب بن عُجْرة فقلت: أخرج فاقبِضْ قلائصَك، فخرج وهو يتبسَّم ويقول: بارك الله لك فيها، ما حملتُك وأريد أن آخُذَ منك شيئًا.
ولما أسلم واثلةَ (¬2) قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب فاحلق عنك شَعَر الكُفر، واغتسل بماءٍ وسِدر" ففعل.
[وذكر ابن عساكر وقال: ] شهد واثلة فتح دمشق، وقتل عظيمًا من عُظماء الروم وأخذ سَلَبَه، فدُفع له في سَرجه عَشْرةُ آلاف (¬3).
وقال خليفة (¬4): كانت له دار بالبصرة.
وذكره ابن سعد فيمن نزل الشام من الصحابة (¬5).
واختلفوا في وفاته؛ وقال ابن سعد بإسناده عن أبي الزاهرية قال: مات واثلة بن الأسقع بالشام سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة (¬6).
وحكى ابن عساكر عن أبي حاتم قال: كان واثلة يشهد المغازي بدمشق (¬7). وحكى ابن سعد أيضًا أنه مات في سنة ثلاث وثمانين ببيت المقدس (¬8). وقيل: إنه سكن
¬__________
(¬1) في مغازي الواقدي 1029، و "طبقات ابن سعد" 5/ 130، و "تاريخ دمشق" 17/ 710 (مخطوط)، و "المنتظم" 6/ 265: ويدك أسوة يدي.
(¬2) في (ص): وقال الواقدي ولما أسلم. أهـ ولم أقف على الخبر من رواية الواقدي، وأخرجه الطبراني في الكبير 22 / (199)، والحاكم في "المستدرك" 3/ 570، والخطيب في تاريخه 15/ 81، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 329، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 17/ 709 - 710 من طريق معروف الخياط، عن واثلة، به.
(¬3) "تاريخ دمشق" 17/ 704، 705، وما بين معكوفين من (ص).
(¬4) في طبقاته 31.
(¬5) "طبقات ابن سعد" 9/ 411.
(¬6) "طبقات ابن سعد" 5/ 130 و 9/ 411.
(¬7) "تاريخ دمشق" 17/ 707.
(¬8) "طبقات ابن سعد" 9/ 412.

الصفحة 362