كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

فغُضَّ الطَّرْفَ إنك من نُمَيرٍ ... فلا كَعبًا بَلغتَ ولا كِلابًا
[وقال أبو الفرج الأصفهاني: ] وكان ابنه (¬1) جَندل شاعرًا، وهو القائل: [من الطويل]
طَلَبْتُ الهوى العُذْرِيَّ حتى بلغتُه ... وسَيَّرتُ في نَجْدِيَّةٍ ما كفانيا
وقلتُ لحِلمي لا تَزِعْني عن الصَّبا ... وللشَّيب لا تَذْعَر عليَّ الغَوانيا
ومنهم عَزَّة بنت حُمَيد (¬2) بن وَقَّاص بن حفص بن إياس (¬3) الغِفاري، صاحبة كُثَيّر.
[قال أبو بكر الخرائطي بإسناده قال: ] دخلت عَزةُ على عبد الملك وهو لا يعرفها ترفع ظُلامةً لها إليه، فلما سمع كلامَها أعجبه، فقال له بعض جُلَسائه: هذه عَزَّة، فقال لها: إن أحببْتِ (¬4) أن أَرُدَّ إليك مَظْلِمَتَك فأنشديني ما قال فيك كُثَيِّر، فاستحيت وقالت: سمعتُهم يَحكون عنه أنه قال: [من الطويل]
قَضى كلُّ ذي دَينٍ فوَفَّى غَريمَه ... وعَزةُ مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَريمُها
فقال عبد الملك: ليس عن هذا سألتُك، ولكن أنشديني قوله: [من الطويل]
وقد زعمتْ أنّي تَغَيَّرتُ بعدَها ... ومَن ذا الذي يا عَز لا يَتَغَيَّرُ
تَغَيَّر جسمي والخَليقةُ كالتي ... عَهِدْتِ ولم يُخْبَر بسِرِّك مُخْبَرُ
ما كان ذاك السرّ؟ قالت: قد سمعتُ هذا، ولكني سمعتُ الناس يحكون عنه أنه قال: [من الطويل]
كأني أُنادي صَخرةً حين أَعرضَتْ ... من الصُّمِّ لو تمشي بها العُصْمُ زَلَّتِ
صفوحٌ فما تلقاك إلا بَخيلَةً ... فمَن رامَ منها ذلك الوَصْلَ ملَّتِ (¬5)
فقضى حاجتها، وردَّ مَظلِمَتَها، ووصلها وقال: أدخِلوها على الجواري يأخذن من أدبها.
¬__________
(¬1) في (ص) وما بين معكوفين منها: أبوه. وهو خطأ، والخبر في "الأغاني" 24/ 218.
(¬2) في (ص): جميل، وانظر "تاريخ دمشق" 245 (تراجم النساء).
(¬3) كذا في النسخ خلأ (ص) فليس فيها النسب، وفي "تاريخ دمشق": عزة بنت حُميل بن حفص بن وقاص بن إياس.
(¬4) في (ص): أردت.
(¬5) في "تاريخ دمشق" 241 - 242 (تراجم النساء): فمن ملّ منها ذلك الوصل ملَّت.

الصفحة 388