كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

ثم حملَ على القوم وهو يقول:
فَرَّت سَلامانُ وفَرَّتِ النَّمِرْ ... وقد نُلاقَى معهُم ولا نفرّ
فقال له أخوه عُروة: قد أُخِذَتْ دارُ فلان ودارُ فلان، فقال:
[اصْبِرْ] عصامُ إنَّه شِرْ باقْ (¬1) ... قد سنَّ أصحابُك ضرب الأعناقْ
وقامت الحربُ بنا على ساقْ (¬2)
فقال عروة: فغاظني (¬3)، فقلتْ والله لئن يأخذوك ليُقطِّعُنَّك إرْبًا إرْبًا. فقال:
ولست أبالي حين أُقتلُ مسلمًا (¬4)
فبكى عروة (¬5).
وكان يحملُ ويقول:
الموتُ أكرمُ من إعطاء مَنْقَصةٍ ... من لا يَمُتْ عَبْطَةً فالغايةُ الهَرَمُ
و[قال أبو اليقظان: كان] الحجاج يحرِّضُ أهلَ الشام ويقول: اللهَ اللهَ في طاعة خليفتكم. وابنُ الزبير يهزُمُهم.
وقال شيخٌ من أهل حمص شهدَ وقعة ابن الزُّبير مع أهل الشام: رأيتُه يومَ الثلاثاء وقد دخلَ عليه من الباب الَّذي لأهل حمص خمسُ مئة رجل وهو يخرج في إثرنا ونحن منهزمون؛ ما أنسى منه أرجوزة:
إني إذا أعرفُ يومي أَصْبِرْ ... إذْ بعضُهم يعرفُ ثم يُنكِرْ
قال: وأنا أُعَوِّذُه بالله ممَّا أرى من شجاعته (¬6).
¬__________
(¬1) في "التبصرة" 2/ 15: إنه شِبراق. وهو الأشبه، ففي "القاموس": الشِّبْرَاقُ من كل شيء شِدَّتُه. ولم أقف في المعاجم على لفظة: شِرْباق، غير أنَّه أحال في "القاموس" شَرْبَقَ على شَبْرَقَ. والله أعلم.
(¬2) بنحوه في "أنساب الأشراف" 6/ 229، و"تاريخ دمشق" ص 483.
(¬3) في (أ): فغاضبني.
(¬4) وعَجُزُه: على أيِّ جَنْب كان في الله مصرعي.
(¬5) الخبر بتمامه في "صفة الصفوة" 1/ 770 - 771. وفيه قول عروة آخره: فعرفتُ أنَّه لا يمكّن من نفسه.
(¬6) تاريخ الطبري 6/ 190 من طريق ابن سعد. دون قوله: وأنا أعوِّذُه .. وينظر "أنساب الأشراف" 6/ 7.

الصفحة 71