كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 9)

وعلم بُكير بنُ وِشاح، فأرسلَ إلى بَحِير بن وَرْقاء يسألُه الصُّلْح، فأبى عليه، وقال: ظنَّ بُكَير أنَّ خُراسانَ تبقى له في الجماعة! .
فدخل ضرار بنُ حصين على بَحِير بن وَرْقَاء وهو في السجن، فقال له: ألا أراك مائقًا (¬1)؟ ! يُرسِلُ إليك ابنُ عمِّك يعتذرُ إليك وأنتَ أسيرٌ في يديه ولا تقبلُ عذره! لو قَتَلَكَ كان ماذا؟ ! ما أنتَ بموفَّق، صالِحْهُ، واخرجْ وأنتَ على أمرك.
فأجابَ، وصالحَ بُكيرًا، وأرسل [بُكير] له مالًا على أن لا يُقاتلَه، وأخذَ عليه العهد (¬2).
وأمَّا عبد الملك؛ فإنه لما قرأَ كتابَ أهلِ خُراسان، استدعى أميةَ بنَ عبد الله بن خالد بن أسيد، وقال: إن خُراسان ثَغْرُ المشرق، وقد كان به من الشَّرّ ما كان، وعليه هذا التميميّ (¬3)، وقد اختلف [الناس] وأخاف أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، وقد سألوني أن أُوَلِّيَ عليهم رجلًا من قُريش يَسمعوا له ويُطيعوا، فقال له أمية: فتَدارَكْهم يا أمير المؤمنين برجل منك، فقال: لولا انحيازُك عن أبي فُدَيك الخارجيّ لكنتَ ذاك الرجل -وكان أبو فُديك قد هزمَ أمية- فقال: واللهِ ما انحزتُ حتى خذلني أصحابي وهرب الناس، فأردتُ أن أنحاز إلى فئة، وقد كتب إليك خالد بن عبد الله بعذري.
فولَّاه خُراسان، فقال الناس: ما رأينا أحدًا عُوِّضَ من هزيمةٍ ما عُوِّضَ أُميَّة، فرَّ من أبيِ فُدَيك، فاستُعمل على خُراسان.
ولما قَرُب أمية من خُراسان أنشدَ رجل من بكر بن وائل في مجلس (¬4) بُكير بن وشاح:
أتتك العِيسُ تنفُخ في بُراها ... تَكَشَّفُ عن مناكبها القُطوعُ
¬__________
(¬1) أي: غضبانَ متغيِّظًا.
(¬2) بنحوه في "تاريخ" الطبري 6/ 199 - 200. ولفظة "بكير" بين حاصرتين منه.
(¬3) يعني بُكير بن وِشاح.
(¬4) في "تاريخ" الطبري 6/ 200: محبس.

الصفحة 91