كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

(وليتبروا)؛ أي: في قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء: 7].
* * *

3406 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجْنِي الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ". قَالُوا: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: "وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا".
(الكَبَاث) بفتح الكاف، وخفَّة الموحَّدة، وبمثلَّثةٍ: النَّضِيج مِن ثمَر الأَراك.
وكأنَّ مناسبة هذا للترجمة أنَّ بني إسرائيل كانوا مُستضعَفين جُهَّالًا ففضَّلهم الله على العالمين، وسِيَاق الآية يدلُّ عليه.
وقال (خ): يُريد أنَّ الله تعالى لم يضَع النبوَّة في أبناء الدُّنيا والمُتْرَفين منهم، وإنما جعلَها في رِعاء الشَّاءِ، وأهل التَّواضُع من أصحاب الحِرَف، كما رُوي أن أَيُّوب كان خيَّاطًا، وزكرِيا كان نَجَّارًا، و {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].
وقال (ن): فيه فضيلةُ رِعاية الغنَم، وحِكْمة ذلك أنْ يأْخُذوا أنفسَهم بالتواضُع، وتصفُوَ قلوبُهم بالخَلْوة، ويترقَّوا من سياستها إلى سياسة أُممهم.

الصفحة 511