كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3610 - حدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، وعمَّار (¬1)، قالا: حدثنا يزيد بن هارون (¬2)، حدثنا يحيى بن سعيد، أن نافعًا أخبره، عن ابن عمر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خمسٌ لا جناحَ في قتْلِ من قَتْلَ منْهُنَّ: الفَأرة، والغُراب، والحِدَأة، والكَلْب العَقُور والعَقْرَب (¬3) ".
¬_________
(¬1) هو: عمّار بن رجاء، أبو ياسر التغلبي الإسْتَرَابَاذِي.
(¬2) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله، من الدواب في الحل والحرم- (2/ 858) عن ابن المثنَّى، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد به، محيلًا لفظه على لفظ حديث مالك وابن جريج عن نافع، وأخرجه الإمام أحمد (2/ 77)، والدَّارمي (2/ 56)، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن نافع بمثله.
3611 - حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد بن هارون (¬1)، حدثنا محمد بن إسحاق (¬2)، ح.
-[139]- وحدثنا أحمد (المُرِّي (¬3)) الخَرَّاز الدِّمَشْقي (¬4)، حدثنا أحمد بن خالد يعني الوَهْبيِ (¬5)، حدثنا محمد ابن إسحاق، عن نافع، وعبيد الله بن عبد الله، عن ابن عُمر قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خمسٌ لا جناح في قَتْلِ منْ قَتَلَ مِنْهُنَّ في الحَرَمِ" وذكر الحديث، لم يقل أحد منهم: سمعتُ النَّبيِّ إلا ابن جُريج في رواية محمد بن بكر عنه، وقد تابعَ ابن جُريج على ذلك ابن إسحاق (¬6).
¬_________
(¬1) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬2) محمد بن إسحاق بن يسار القُرشي المطَّلبي مولاهم.
(¬3) تصحَّف في الأصل إلى "المزني"، والتصويب من إتحاف المهرة، كتب الرجال التي ترجمت له.
انظر: إتحاف المهرة لابن حجر (9/ 315).
(¬4) هو: أحمد بن علي بن يوسف المُرِّي الخرَّاز الدمشقي، أبو بكر.
و (الخَرَّاز) بخاء معجمة، بعدها راء مهملة مفتوحة مشدّدة، وآخرها زاي، كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره، وقد تصحف في (م) إلى "الخزَّاز".
و (الخَرَّاز) نسبة إلى خَرْز الأشياء من الجلود: كالقرب، والسَّطائح، والسيور وغيرها.
انظر: الأنساب (2/ 335)، اللباب (1/ 429)، المشتبه للذَّهبي (ص 160 - 161)، توضيح المشتبه (2/ 345 - 346)، تبصير المنتبه (1/ 331).
(¬5) -بفتح الواو والهاء الساكنة وفي آخرها الباء الموحدة-، وهو الحمصي، أبو سعيد الكندي. و"الوَهْبي" نسبة إلى وهب بن ربيعة بن معاوية، بطنٌ من كِنْدَة.
انظر: اللباب لابن الأثير (3/ 281).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم- (2/ 858) عن فُضيل بن سهل، عن يزيد بن هارون بِمِثْلِه. =
-[140]- = قال الإمام مسلم: "ولم يقل أحد منهم: "عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، سمعت النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- "، إلا ابن جريج وحده، وقد تابع ابن جريج على ذلك ابن إسحاق"، وقال أبو عوانة مثل ما قال مسلم في هذا الحديث كما ترى، وكأنهما يُعلان طريق من صرَّح بسماع ابن عمر عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم أقف على طريق يصرَّح فيها بالسماع عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- غير طريق محمد بن بكر عن ابن جريج، وطريق محمد بن إسحاق، وسائر الرواة عن نافع وعبيد الله لا يصرحون بسماع ابن عمر هذا الحديث عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد جاء في بعض الروايات الصحيحة (كما سيأتي برقم: 3612) ما يثبت أن ابن عمر رضي الله عنه سمع هذا الحديث من بعض نسوة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذه المرأة هي حفصة -رضي الله عنها- أم المؤمنين وأخت عبد الله بن عمر رضي الله عنه، واحتمال قويٌّ آخر: أن يكون ابن عمر رضي الله عنه سمع هذا الحديث من أخته حفصة -رضي الله عنها-، ومن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أيضًا، وإلا فيدخلُ تحت باب مرسلِ الصَّحابي، ومرسلُ الصَّحابي حكمه الوصلُ على الصواب كما قال الحافظ العراقي -رحمه الله- في الألفِية وغَيرُه؛ لأن رواية الصحابي عن غير الصحابي نادرة، وإذا رووها بيَّنُوها، فإذا أطلَقوا ذلك فالظاهر أنه عن الصحابة، والصحابة كلهم عدول.
قال العيني في عمدة القاري (10/ 149) عند كلامه على رواية ابن عمر -رضي الله عنه- عن حفصة هذا الحديث، "ومن لطائف إسناد هذا الحديث رواية التابعي عن التابعي ورواية الصحابي عن الصحابية ورواية الأخ عن أخته .. وظهر من هذا أن ابن عمر سمع هذا الحديث من أخته حفصة عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وسمعه من النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أيضًا يحدث به حين سُئِل".
وقال العِرَاقِي في طرح التثريب (5/ 49): "وأخرجه الشيخان والنسائي من رواية يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، واتفق عليه الشيخان =
-[141]- = من رواية زيد بن جبير، عن ابن عمر قال: "حدثتني إحدى نسوة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، .. ولا يضرُّ هذا الاختلاف، فالحديث مقبول، سواء كان من رواية ابن عمر عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أو بواسطة حفصة، أو غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهُنَّ، وقد تَقدَّم من حديث ابن جريج في صحيح مسلم التصريحُ بسَماع ابنِ عُمَر لَه من النَبيِّ -صلى الله عليه وسلم-".
من فوائد الاستخراج: ذكر أبو عوانة طريقًا أخرى عن ابن إسحاق، وهي طريق أحمد بن خالد الوهْبي، ويَثْبت بذلك أن الحديث قد ورد عن ابن إسحاق على هذا الوجه مصرَّحًا فيه بسَماع ابن عُمر -رضي الله عنهما- عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأن التلاميذ عنه رووا ما حدّث به.
ولأقوال الأئمة في قبول مرسل الصحابي انظر: المنهل الرويّ (ص 45)، المقنع في علوم الحديث (1/ 138)، قفو الأثر (1/ 67)، قواعد التحديث (ص 143).

الصفحة 138