كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

باب ذكرِ الخبرِ المبيِّن أنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أهلَّت بِعمرةٍ مع النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حجَّةِ الوَدَاع، والدَّليل على أنَّ من أهلَّ بِعُمرةٍ فَأفْسَدَهَا حلَّ ثم أهلَّ بالحجِّ يوم التَّرْوية فإذا فرَغ منْ قَضَاء نُسُكِه وخرج من مِنىً مالَ إلى ناحِيَةِ التَّنْعِيم قبل أن يَقْدُمَ مكَّة وقبل طواف الإفاضة فيُحْرم منها بعمرةٍ ثمَّ يَطُوفَ بِحَجَّتهِ وعُمْرتِه طَوَافًا واحِدًا (¬1)، وبَيَان الخَبَر المُوجِبِ على المُعْتَمر إِذَا أهَلَّ بِعُمْرةٍ وحْدَهَا ومَعَهُ الهَدْيُ أنَّ يَضُمَّ إِلَى عُمرتِه حَجّا ثُمَّ لا يَحِلُّ ولا يَطُوفَ إلا بَعْدَ ما يَرْجِع من منىً طوافًا وَاحِدًا، وأنَّ المُعْتَمِر يَطُوفُ بِعُمْرَةٍ طَوَافًا فإذا رَجَعَ من مِنىً يَطُوفُ بِحَجِّه طَوَافًا (¬2)
¬_________
(¬1) لا تدلُّ أحاديث الباب على ما بوَّب به المصنِّف دلالة واضحة من أنَّ المضطر إلى إدخال الحج على العمرة يخرج قبل طواف الإفاضة إلى التنعيم فيُحرم منه بالعمرة ثم يطوف لحجه ولعمرته هذه طوافًا واحدا، والصحيح أنَّ عائشة -رضي الله عنها- أهلَّت من التنعيم بالعمرة بعد ما أتمَّت مناسك الحجِّ قارنةً، وعلى هذا حصل لعائشة -رضي الله عنها- عمرتان، عمرة قرنتها مع الحج، وعمرة أحرمت بها منفردة، كما يدل على ذلك أحاديث الباب الآتي: "باب الدليل على الإباحة للمعتمر أن يضم إلى عمرته حجة إن اضطر إلى ذلك". انظر (ح / 3731، 3732، 3733).
(¬2) قوله: "يطوف بِعُمرة طوافًا" و"يطوف بحجِّه طوافا"، هكذا في نسخة (م)، =
-[288]- = واستعمال الباء على هذا النحو له وجهٌ في اللُّغة إذا فسِّرت الباءُ بمعنى السَّببية، فيكون كقوله تعالى: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} (البقرة: 54)، وقوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} (العنكبوت: 40)، ومنه قولك: "لقيت بزيد الأسد، أي بسبب لقائي إياه".
انظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص 139).

الصفحة 287