كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

بابُ الدَّلِيْلِ عَلَى الإِبَاحَةِ لِلْمُعْتَمِر أن يَضُمَّ إِلَى عُمْرَتِه حَجَّةً إن اضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرْ على أن يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِه، وعلى أنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- لمْ يَجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءُ عمرتِها، وكانَتْ عمرتُها الَّتي لَمْ تَحِلَّ منْها عُمرةً جَائزةً، وكَذَلِك المُفْسِدُ عمرتَه وأهَلَّ بِحَجَّة، وعلى أنَّ عائشةَ طافتْ بِعُمْرَتِها وَحَجِّها، ثُمَّ خَرَجتْ إلَى التَّنْعِيم
3731 - أخبرنا يُونَس أخْبَرنا ابن وهب قال: أخبرني الليث بن سعد (¬1)، ح.
وحدثنا الربيع (¬2)، حدَّثنا شُعَيب بن اللَّيث (¬3)، حَدَّثنا اللَّيث، أنَّ أبا (الزُّبَيْر (¬4)) أخبره، عن جابر بن عبد الله، أن عائِشة أَقْبَلتْ مُهِلَّة بِعُمْرةٍ حتَّى إذا كانتْ بِسَرِفَ عَرَكَتْ (¬5)، فدخل عليها النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فوجدها تبْكِي
-[303]- فقال: "ما يُبْكِيْكَ؟ " قلتُ: حِضْتُ ولمْ أَحْلِلْ ولمْ أَطُفْ بِالبَيْتِ، والنَّاسُ يَذْهبُون الآنَ إلى الحجِّ، قال: "هذا أمرٌ كَتَبَهُ الله علىَ بَنَاتِ آدَمَ، فاغْتَسِلِي ثُمَّ أهِلِّي بالحجِّ" ففعلتْ ووقفتْ المواقِفَ؛ حتَّى إذا طَهُرَت طافتْ بالكعبة والصَّفا والمروة، ثُمَّ قال: "قدْ أحْلَلْتِ من حَجِّكَ وعُمْرتِك جَمِيْعًا" قَالَتْ: يا رسول الله، إنِّي أَجدُ في نَفْسِي إنْ لَمْ أَطُفْ بِالبَيتِ حتَّى حَجَجْتُ، قال: "فاذهبْ بِها يَا عبد الرحمن، فأَعْمِرْهَا من التَّنْعِيْم" وذلِكَ ليْلةَ الحَصْبَة (¬6).
¬_________
(¬1) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬2) ابن سليمان بن عبد الجبار بن كامل أبو محمد المرادي مولاهم، المصري.
(¬3) ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، مولاهم، أبو عبد الملك المصري.
(¬4) ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "الزُّهري"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (3/ 500)، وصحيح مسلم (2/ 881).
(¬5) عَركَت: -بفتح العين، والرَّاء- أيْ حاضتْ، يقال: عَركَت تَعْرُك عُرُوكا، كقَعَدَ تَقْعُد قُعُودا.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 392).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 881، ح 136)، عن قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رُمْح، عن الليث بن سعد به، وأخرجَه الطَّحاوي (2/ 201) عن يونس به مختصرا.
من فوائد الاستخراج: في إسناد مسلم عنعنةُ أبي الزبير، وهُو مدلِّس من المرتبة الثالثة، وقَدْ صَرَّح بالإخبار عند المصنِّف، وهو دليلٌ لمن يرى أن عنعنةَ المدلِّسين في الصحيحين لا تضرُّ لاتصال إسنادِ المعنعِن فيهما، ولذا رأى بعضُ العلماء منهم الإمام النووي والحافظُ الحلبي أنَّ العنعنة في الصحيحين محمولةٌ على ثبوتِ السَّماع فيها عند صاحبي الصحيحين من جهة أخرى.
انظر: النكت على ابن الصلاح (2/ 92 - 93)، تعريف أهل التقديس كلاهما لابن حَجَر (ص 45).

الصفحة 302