كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

بابُ الإِبَاحَةِ للحائضٍ أنْ تقضِيَ المنَاسِك كلَّها وتقفَ المواقفَ كلَّها إلَّا الطواف بِالبيتِ، والدَّليل على أنَّ عُمْرَةَ عائشةَ من التَّنْعيم كانتْ أفضلَ من عمْرَةِ سائرِ أزواجِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لزيادةِ نَصَبِها وتَعَبِها، وأنَّ العُمْرَة مِنَ المِيْقَاتِ أفضلُ مِنْهُ مِنَ التَّنْعِيْم
3741 - حدثنا شعيبُ بن عمرو (¬1)، حدثنا سفيان بن عيينة (¬2)، عن
-[318]- عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: "ضَحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نِسائِهِ البقَرَةَ" (¬3).
¬_________
(¬1) هو الضَّبَعِي، الدِّمَشْقي.
(¬2) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873، ح 119)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، وأخرجه البخاري في كتاب الحيض -باب الأمر بالنفساء إذا نُفِسن (ص 52، ح 294) عن علي بن عبد الله، وفي كتاب الأضاحي -باب الأضحية للمسافر والنساء (ص 986، ح 5548) عن مسدد، وفي باب من ذبح ضحية غيره (ص 988، ح 5559) عن قتيبة، ستتهم عن سفيان بن عيينة به، وفي أحاديث الأربعة الأُوَل قصَّةُ الخروج للحج، وقصة حيض عائشةَ -رضي الله عنها- أيضًا، أمَّا مسدَّد، وقتيبة، فاكتفيا بذكر قصة حيض عائشة -رضي الله عنها- وذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه.
من فوائد الاستخراج: دقة اختيار المستخرِج -رحمه الله-، حيث اختار الرواية التي فيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذبح عن نسائه بقرة واحدة، بينما ورد في ألفاظ البخاري ومسلم كلمة: "البَقَر"، وهي صيغة تطلق على الجمع كما تطلق على اسم الجنس أيضًا.
وفي صيغة الإفراد "البقرة" فائدةٌ فقهية حيثُ يُستنبطُ منها جواز الاشتراك في الهدي، وربَّما لأجل هذا صدَّر أبو عوانة الباب برواية شعيب بن عمرو، عن سفيان أبن عيينة، وقدَّمها على رواية الشافعي والحميدي عن سفيان.
ويؤيد رواية شعيب بن عمرو ما أخرجه أبو داود في سننه (ص 205) عن ابن السّرح، وأخرجه النسائي في الكُبرى (2/ 452) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر عن آل محمد في حجَّة الوداع بقرةً واحدةً"، كما =
-[319]- = أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 248) عن عثمان بن عُمر، عن يونس، عن الزُّهري، عن عروة وعمرةَ، عن عائشة -رضي الله عنها- "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر عن أزواجه بقرةً في حجَّة الوداع".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 644): "ورواية يونس أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما ويونس ثقة حافظ، وقد تابعه معمر عند النَّسائي أيضًا (الكبرى 2/ 452)، ولفظه أصْرَحُ من لفظ يونس، قال: "ما ذبح عن آل محمد في حجَّة الوداع إلا بقرة"، وروى النَّسائي أيضًا (2/ 452) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال "ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمَّن اعتمر من نِسَائه في حجة الوداع بقرةً بينهُنَّ" صحَّحه الحكم، وهو شاهِدٌ قويٌّ لرواية الزُّهري، وأمَّا ما رواه عمَّار الدُّهني، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: "ذبحَ عنَّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حَجَجْنَا بقرةً بقرةً" أخرجه النسائي (2/ 452) أيضًا فهو شاذٌّ مخالفٌ لما تقدَّم". انتهى كلامه.
قلتُ: ولعلَّ الثِّقات الذين روَوْه بالجمع: "البقر" قصدوا تَحديدَ الجِنس الذي ذُبح، فإن صيغة "البقر" كما أنَّها تطلق على جمع "بقرة" تطلق كذلك على مطلق الجنس، وتدخلُ الهاء على "البقر" على أنَّه واحدٌ من الجِنْسِ، ذكرًا كان ذلك الواحدُ أَمْ أنثى.
انظر: لسان العرب (1/ 458)، القامُوس المحيط (ص 331).

الصفحة 317