كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3744 - حدثنا [أبو] عمرو بن حازم (¬1)، وعمار بن رجاء، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن مَنْصُور (¬2)، عن إبراهيم (¬3)، عن الأسود (¬4)، عن عائشة قالت: خرجنا مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- ولا نُرَى إلا أنَّما هُوَ الحَجُّ (¬5)، فلمَّا قَدِم أَمَرَ أصحابه فطَافُوا وطاف نساؤُه، ثُمَّ أمرَهُم فَحَلُّوا، قالتْ عائشة: كنْتُ حِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ، فَوَقَفْتُ المواقفَ
-[322]- كلَّها، فلمَّا كانتْ ليلةُ الحَصَبَة قلتُ: يا رسول الله، يرجعُ أهلُكَ بعمرةٍ وحجَّةٍ غيري، قال: "اخْرُجي مع أخيك عبد الرحمن بن أبي بَكر" فلقيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُدْلِجًا مُصْعِدًا على أهلِ المدينة، وأنَا مُصْعِدَةٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّة (¬6).
¬_________
(¬1) هو: أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غَرْزَة.
(¬2) ابن المعتمر، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) ابن يزيد النخعي.
(¬4) ابن يزيد النخعي، الكوفي.
(¬5) هكذا في نسخة (م)، ولعلَّ تركيب الجُملة مثل قوله تعالى: {إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (سورة ص، آية 70)، وفي صحيح مسلم "ولا نُرى إلَّا أنَّه الحجُّ".
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 877، ح 128) عن زُهير بن حرب، وإسحق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير، عن منصور به.
وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التمتع والقران والإفراد. . . (ص 253، ح 1561) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، وفي باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت (ص 284، 1762) عن أبي النعمان، عن أبي عوانة، كلاهما عن منصور به.
واختلف على منصورٍ في جزء من الحديث، فرواه عنه جريرٌ كما عند مسلم على الشكّ: "فلقِيَني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مصعدٌ من مكة، وأنا منهبطةٌ عليها، أو أنا مصعِدةٌ وهو منهبطٌ منها. . ."، وتابع جريرًا أبو عوانة الوضَّاح اليَشْكُرِي عند البخاري، وشَيْبَانُ بن عبد الرحمن كما عند المصنِّف (ح / 235) على شكِّه في هذا الجزء من الحديث، وخالفهما إسرائيلُ فرواه عن منصورٍ بدون شكٍّ كما عند المستخرِج: "فلقيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُدْلِجًا مُصْعِدًا على أهلِ المدينة، وأنَا مُصْعِدَةٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّة"، وهذه الألفاظ معناها واحد، كما جاءت رواية الأعمش بدون شك أيضًا كما في المستخرِج (ح / 3746)، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة -رضي الله عنها- بلفظ: "فلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العقبة مُدْلِجا وهُوَ مُنْهَبِطٌ عَلَى أهْلِ المَدِيْنَة وأَنَا مُنْهَبِطةٌ على أهْلِ مَكَّة".
وقد ثبتت من طرق أخرى أنها لقيت -صلى الله عليه وسلم- في منزله بعد ما فرغت فأذن في أصحابه فخرج فمرَّ بالبيت فطاف"، قال الإمام النووي في الجمع بين الروايات =
-[323]- = المختلفة: "قولُها: "فلقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. . . منهبطٌ منها"، وقالت في الرواية الأخرى: "فجئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في منزله فقال هل فرغت فقلت نعم فأذن في أصحابه فخرج فمرَّ بالبيت وطاف"، وفي الرواية الأخرى: "فأقبلنا حتَّى أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بالحَصْبَة"، وجه الجمع بين هذه الروايات أنَّه -صلى الله عليه وسلم- بعث عائشة مع أخيها بعد نزوله المحصب، وواعدها أن تلحقَه بعد اعتمارها، ثُمَّ خرج هو -صلى الله عليه وسلم- بعد ذهابها فقصد البيت ليطوف طواف الوداع، ثمَّ رجع بعد فراغه من طواف الوداع، وكُلُّ هذا في الليل، وهي الليلة التي تلي أيَّام التشريق، فلقيَها -صلى الله عليه وسلم- وهو صادرٌ بعد طواف الوداع، وهي داخلةٌ لطواف عمرتها ثُمَّ فَرَغَتْ من عمرتِها ولحقته -صلى الله عليه وسلم- وَهُو بَعْدُ في مَنْزِلِه بِالمُحَصَّب، وأمَّا قولها: "فأذِنَ في أصحابِه فخَرجَ فَمَرَّ بالبيت وطافَ" فيُتَأَوَّل على أنَّ في الكلام تقديمًا وتأخيرًا وأنَّ طوافه -صلى الله عليه وسلم-كانَ بَعْد خُروجها إلى العُمْرة وقبْلَ رجوعِها، وأنَّه فَرَغَ قَبْل طَوَافِها لِلْعُمرة".
من فوائد الاستخراج: جاء جزءٌ من الحديث في صحيح مسلم (2/ 870) على الشكِّ: "وهو مصعدٌ من مكَّة، وأنَا منهبطةٌ عليها، أو أنا مصعِدةٌ وهو منهبطٌ منها"، وجاءت روايةُ المستخرِج خاليَةً من الشكِّ، وقدَّمَها المستخرِج على غيرها من الرِّوايات.

الصفحة 321