كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3745 - حدَّثنا أبو أمية، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيْبَان (¬1)، عن مَنْصُور (¬2)، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خَرَجْنا مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- ولا نُرَى إِلَّا أَنَّهَا هُوَ الحَجُّ (¬3)، فقَدِمَ
-[324]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَطَافَ ولَمْ يَحْلِلْ، وكانَ مَعَهُ الهَدْيُ، وَطَافَ من مَعَه مِنْ نِسَائِه وأصحابِه، فحَلَّ منهم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قال: وحاضَتْ هِيَ، فَقَضَيْنَا مَنَاسِكَنَا من حَجِّنا، فلمَّا كانتْ ليلةُ الحَصَبَةِ ليلَةُ النَّفْرِ، قلتُ: يَا رسول الله، أَيَرْجِعُ أَصْحَابُكَ كُلُّهُم بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ وأرجعُ أنَا بِحَجٍّ، قال: "أَمَا كُنتِ تَطَوَّفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ " قالتْ: لا، قال: "فانْطَلقِي مَعَ أخِيْك إِلَى التَّنْعِيم فَأَهِلِّي بِعُمْرةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُك كَذا وكذا" قالت عائشة: فلقيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُدَّلِجًا (¬4) وهُو مُصْعِدٌ على أهْلِ مَكَّة، وأَنَا
-[325]- مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهِم، أَوْ مُنْهَبِط وأَنَا مُصْعِدَةٌ (¬5).
¬_________
(¬1) هو: شيبان بن عبد الرحمن التميمي -مولاهم- النحوي.
(¬2) موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) هكذا النصُّ في نسخة (م)، وبعد بحثٍ وتنقيبٍ شديدين لم أقف في شيءٍ من كتُب =
-[324]- = الحديث على مثلِ هذه الجُمْلة، ولفظ مسلم: "ولا نرى إلا الحجَّ"، ولفظ البُخاري (ص 284): "ولا نُرى إلا الحجَّ"، ويظهرُ أنَّ لفظ أبي عوانة هذا صحيحٌ أيضًا، وذلك بأن يقال في إعرابه:
"أنَّها" الضمير هاء المؤنث اسم "أنَّ" في محلِّ نصب، والمقصود السَّفرة، "هو الحجُّ" مبتدأ وخبرٌ، والجُملةُ من المبتدأ والخبرِ في محلِّ رفع خبرُ "أنَّ"، أيْ: "ولا نُرى إِلَّا أَنَّ السَّفرة هو الحجُّ، فهو مثل قول أهل العلم في أسماء الله وصفاته: "لا يُقال فيها إنَّها هُوَ"، وقولهم عن شُعبِ الإيمان: "إنَّها تنشأُ عن الإيمان، لا أنّها هُو".
أخذت الأمثلة المذكورة من جملٍ في شُعب الإيمان (1/ 112) تتطابق مع العبارة التي في الحديث.
(¬4) مُدَّلِجًا: -بضمِّ الميم، وتشديد الدال المفتوحة- من ادَّلَج- بتشديد الدال المفتوحة-: أي: سار آخر اللَّيل، وأدْلَج -بالتخفيف- إذا سار من أوَّل الليل، والمقصود في الحديث المعنى الأول.
انظر: هدي السَّاري (ص 123)، عمدة القاري (10/ 105)، النهاية في غريب =
-[325]- = الحديث (2/ 307).
(¬5) انظر تخريج ح/ 3744.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحةٌ لم ترد في حديث مسلم، وهي قولها: "مُدَّلِجًا"، ويدلُّ هذا اللَّفظ على أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- طاف طواف الوداع في اللَّيل، وأنَّ عائشة -رضي الله عنها- لقيته -صلى الله عليه وسلم- راجعةً من التنعيم، مُصعِدةً على أهل مكَّة لتطوف لعمرتها، وهو -صلى الله عليه وسلم- خارجٌ من مكَّة منهبطٌ على أهل المدينة، وقد طاف طواف الوداع، كلُّ هذا في اللَّيل.

الصفحة 323