كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3746 - حدثنا عبَّاس الدوري، حدثنا مُحاضِر (¬1)، حدَّثنا الأعمش، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا إسماعيل بن الخَلِيل (¬2)، أخبرنا عليُّ [بن] (مُسْهِر) (¬3)، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نُلبِّي لا نذكرُ حجًّا ولا عمرةً (¬4)، فلما قدِمْنا
-[326]- مكَّة أمرَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأحْلَلْنَا، فحَلَّ النَّاس من عمرَتِهم إلَّا من كان معه هَدْيٌ، كنْتُ حائضًا فلم أتطَوَّفْ بالبيتِ، فلما كانتْ ليلةُ النَّفر قلتُ: يا رسول الله إنِّي لم أكن تَطَوَّفْتُ بالبيت، قال: "انطلِقِي مع أخِيك إلى التَّنعيم فاعْتمِري" فخرجتُ ومعي عبد الرحمن، وذكر الحديث، قالتْ: فلقيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العَقَبةِ (¬5)
-[327]- (*مُدَّلجا*) (¬6) وهُو مُنهبِطٌ على أهلِ المدينة وأنَا مُنهبِطَةٌ على أهلِ مكَّة، قال: "مَوْعِدُك كَذَا وكذا" معنى حديثِهِم واحدٌ، وفي حديث إسماعيلُ زيادةٌ، فذكر قصَّة صَفِيَّةَ أنَّها حاضتْ، كذلك في حديث شَيْبَان، عن مَنْصُور، ذكر صفيَّةَ وحَيْضَها، ولكنِّي لَمْ أُخْرِجْها (¬7) (¬8).
¬_________
(¬1) مُحاضِر -بِكسر الضَّادِ المعجمة- بن المُوَرِّع -بضمِّ الميم وفتح الواو وتشديد الرَّاء المكسورة تليها عينٌ- الهمداني، الكُوفيّ.
(¬2) الخزَّاز: - بمعجمات ثلاثة، وتشديد الزاي الأولى- الأنساب (2/ 356)، أبو عبد الله الكوفي.
(¬3) موضع الالتقاء مع مسلم، وما بين المعقوفين سقط من نسخة (م) واستدركته من إتحاف المهرة (2 مج / 2 ج /1030)، وصحيح مسلم (2/ 870)، وما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "مصهر" -بالصَّاد المهملة- والتَّصويب من المرجعين المذكورين.
(¬4) ظاهرُ العبارة يخالف الأحاديث التي تقدَّمت في هذا الباب، وقد سبق أن نقلتُ أقوال =
-[326]- = أهل العلم في الجمعِ بين المرويَّات المختلفة عن عائشة -رضي الله عنها- فيما أحرمتْ به.
انظر التَّعليق على باب: باب بَيان إِسْقَاطِ الهَدْي عن المرأة التي تَعْتَمِر ثُمَّ تَحِيْض يُفْسِدُ عمرتَهَا حَيْضُها وتُهِلُّ بالحجِّ ثمَّ تعتمر بعدُ. . .". (قبل ح / 3719).
(¬5) العَقَبَة: -بفتح العين والقاف- مفردُ عَقَبَات، وعَقَب، قال ابن منظور: "العقبة: طريق في الجبل وعْرٌ. . والعقبة: الجبل الطويل، يعرضُ للطَريق فيأخُذُ فيه، وهو طويل صعبٌ شديد".
قال ياقوت الحموي: "وأما العقبةُ التي بويع فيها النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بمكَّة فهي عَقَبَةٌ بين منى ومكَّة، بينها وبين مكَّة نحو ميلين وعندها مسجدٌ ومنها ترمى جمرة العقبة".
قلتُ: هذه هي العَقَبة المعروفة بمكَّة، ولكن يشكِلُ هُنَا لِقاء النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بعائشة -رضي الله عنها- وهو منهبِطٌ على أهل المدينة، وقد طاف طوافَ الوداع، وهي راجعة من التنعيم منهبطة على أهل مكَّة لتطوف لعُمرتِها، فطريق التَّنعيم تقع شمال المسجد الحرام، والعقبة تقع إلى شرقي المسجد الحرام وتبعد عنه بميلين، إلَّا أن يكون المقصودُ من العقَبَة معناها اللُّغوي لا العقبة المعروفة، أو كان طريق التنعيم آنذاك تؤدي إلى العقبة ثم إلى المسجد الحرام، والله أعلم.
وتقدَّم في الأحاديث الأخرى أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-كان ينتظرُها عند الأبطح، قال ابن =
-[327]- = بطَّال: "ذكر عبد الرزَّاق قال: أخبرنا عمر بن ذر، أنه سمع مجاهدًا يقول: "أناخ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- النَّفر بالبطحاء ينتظرُ عائشةَ، وكَرِهَ أن يَقتَدِي النَّاس بإنَاخَتِه، فبعثَ حتَّى أنَاخَ على ظَهْرِ العَقَبَة أو من ورائها ينتظرُها".
انظر: شرح ابن بطَّال (4/ 433)، معجم البلدان (4/ 134)، لسان العرب (9/ 306).
(¬6) ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(¬7) من منهجِ المصنِّف تقطيعُ الأحاديث في الأبواب، ويترجم للأحاديث بتراجم أبواب تفصيلية تشمل مسائل فقهية مستنبطة من تلك الأحاديث، فيظهر -والله أعلم- أن المصنِّف لم يُخرجْ قِصَّة حيض صفيَّة -رضي الله عنها-، لأنَّها لا تدلُّ على ما بوَّب لأجله المصنِّف، ولذا أخرج قصَّة حيضِها من طرق مختلفة في بابٍ لاحقٍ.
انظر: باب بيانِ إتيانِ النِّساء في أيَّام مِنَى: ح / 4121، 4122، 4123، 4124، 4125، 4126.
(¬8) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 878، ح 129) عن سويد ابن سعيد، عن علي بن مُسْهر به، محيلًا من حديث الأعمش على حديث منصور قبله، وقال: بمعناه.
من فوائد الاستخراج:
حديثُ المستخرِج فيه بيانٌ لمتنِ الحديث المُحَال به على المتن المُحَال عليه.

الصفحة 325