كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3766 - حدثنا علي بن حرب (¬1)، حدثنا [أبو] مُعاوية (¬2)، عن
-[359]- هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قال: قلتُ لها: إنّي لأظنُّ رجلًا لَوْ لَمْ يَطُفْ بين الصَّفا والمروةِ ما ضَرَّهُ، قالت: لِمَ قلتَ؟ إنَّ الله يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، قالت: "ما أتَمَّ الله حجَّ امرئٍ ولا عمرةً ما لم يطُفْ بين الصَّفا والمروةِ"، ولو كان كما تَقولُ [لكان] (¬3): "فَلاَ جُنَاحَ عليه ألَّا يَطَّوَّفَ بِهَما"، و (هَلْ) (¬4) تَدري فِيْمَا كانَ ذاكَ؟ إِنَّمَا كان ذلِك بأنَّ الأنصارَ كانُوا يُهِلُّون في الجَاهِلِيَّةِ لِصنَمَينِ على شطِّ (¬5) البَحْرِ، يُقال لهما: إِسَافٌ ونائِلة، ثُمَّ يَجِيئُون فيطوفُون بين الصَّفا والمروة، ثُمَّ يَحْلِقُون، فلمَّا جَاء الإِسْلاَمُ كرِهُوا أنْ يَطَّوَّفُوا بينهما لِلَّذي كانُوا يَفْعَلُون في الجاهِلِيَّة، قالتْ: فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، قالت: "فطافُوا".
-[360]- وروى أبو أُسَامَة، عن هشام بهذا الإسناد، وقال فيه: فلمَّا قَدِمُوا مع النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- الحجّ ذكروا ذلك له فَنَزلتْ هذه الآية (¬6).
¬_________
(¬1) هو الطَّائي، أبو الحسن المُوصِلِي.
(¬2) موضع الالتقاء مع مسلم، وهو: محمد بن خازم الضَّرير، وما بين المعقوفين سقط من =
-[359]- = نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (17/ 323).
(¬3) ما بين المعقوفين سقط من المتن في نسخة (م)، ولا يصِحُّ السّياق بدونه، استدركتُه من صحيح مسلم (2/ 928، ح 3138) حيث جاء في متنه: "ولو كان كما تقول لكان: "فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. . .".
(¬4) تصحَّف في نسخة (م)، إلى: "وهو"، والتَّصويب من صحيح مسلم (2/ 928، ح 3138).
(¬5) الشَطُّ: الشَّاطِئ، ويطلق على شاطئ النَّهر والبحر.
انظر: القاموس المحيط (ص 620).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أنَّ السَّعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به (2/ 928، ح 259، 260) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، كلاهما (فرقهما) عن هشام بن عروة به، وبين لفظيهما اختلاف، وسبق الكلام على ذلك في الحديث قبله (ح / 3765).
قال القاضي عياض عند قوله: "كانوا يُهِلُّون في الجاهلِيَّة لِصَنَمَيْن على شطِّ البحر، يقال لهما: إسافٌ ونائِلة": "كذا رواية الكافة، وعند ابن الحذاء: "في الجاهلية لمناة، وكانت صنمين على شطِّ البحر"، وكلاهما خطأ والصَّواب ما جاء في الرِّوايات الأُخَرِ في الباب يُهِلُّون لمناةٍ، وفي الرِّواية الأُخرى: لمناة الطَّاغية التي بالمُشَلَّل، وهذا هو المعروف، ومناة صنمٌ كان نصبَه عَمْرُو بن لحُيّ في جهة البَحْرِ بالمُشَلَّل مما يلي قُدَيْدًا وكذا جاء مُفَسَّرا في هذا الحديث في الموطأ، وله كانت الأزد وغسان تُهِلُّ لحجِّها".
انظر: إكمال المعلم (4/ 353)، وانظر: شرحُ النَّووي على مسلم (9/ 24)، فتحُ البَارِي (3/ 584).

الصفحة 358