كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3537 - حدثني محمد بن عمران الهَمَذاني (¬1)، حدثنا القاسم ابن الحكم يعني العُرَنيَّ (¬2)، وحدثنا يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن سَافِري (¬3)، حدثنا عليُّ بن قادم (¬4)، قالا: حدثنا مِسْعر (¬5)، عن
-[37]- إبراهيم بن محمَّد بن المنتشر (¬6)، عن أبيه، عن عبد الله بن عُمر أنه قال: إني لأَكرهُ أن أُصبح أتضمَّخُ (¬7) بطيبٍ محرمًا؛ لأن أطَّلِيَ (¬8) بقَطِران (¬9) أحبُّ إلي من ذلك، قال: فدخلت على عائشة فقالت: "قد طيَّبتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطاف في نسائه وأصبحَ محرمًا" وهذا لفظ القاسم، وقال علي بن قادم: إني لأكره أن أصبح محرمًا أنتضِحُ (¬10) طيبًا ولأن أطَّلِيَ بقَطِران أحبُّ إلي من ذلك، فدخلت على عائشة فقالت:
-[38]- "كنتُ أطيِّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ثم يطوف على نسائه ويصبحُ محرمًا (¬11) ".
¬_________
(¬1) ابن حبيب بن القاسم، القرشي، إمام مسجد جامع هَمَذان.
قال ابن أبي حاتم: "كتب إليّ ببعض حديثه، وهو صدوق"، وذكره ابن حبان في ثقاته.
انظر: الجرح والتعديل (8/ 41 - 42)، الثقات (9/ 147).
(¬2) ابن كثير بن جُنْدب العُرَنيَّ.
(¬3) أخو أيُّوب، وسافِري -بفتح السين المهملة وكسر الفاء بينهما الالف، وفي آخرها الراء- ت / 268 هـ. قال الخطيب وابن الجوزي: "وكان ثقة".
انظر: تاريخ بغداد (14/ 219)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 65).
(¬4) هو الخُزاعي، أبو الحسن الكوفي.
(¬5) ابن كِدَام الهِلاَلي العامريّ، أبو سلمة الكوفي، ت / 155 هـ، وهو موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم. التقريب (ت 7443).
(¬6) ابن الأجدع الهَمْداني الكوفي. انظر: تهذيب الكمال (2/ 83).
(¬7) التَّضَمُّخ: التلَطُّخُ بالطِّيب والإكثار منه، حتى كأنَّما يَقْطُر.
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 208)، لسان العرب (3/ 36)، العين لخليل بن أحمد (4/ 181)، الصِّحاح للجَوهَري (1/ 426).
(¬8) أطَّلِيَ: الطاء واللام والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على لطْخ شيءٍ بشيءٍ، والآخر على شيءٍ صغيرٍ كالولدِ للشَّيءِ، فالأوَّلُ طَليْتُ الشَّيءَ بالشَّيء، أَطْليه، واطَّليتُ بالشَّيءِ أَطَّلِي به.
انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ص 597).
(¬9) قَطران: دهن يُدَّهن به الإبل من الجرب.
انظر الفائق للزمخشري (3/ 199)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (1/ 628)، فيض القدير للمناوي (6/ 293).
(¬10) أنتضحُ: أي أنضح طيبًا، قال الزبيدي في تاج العروس (7/ 183): "وفي حديث الإحرام: ثم أصبَح مُحْرِمًا يَنْضحُ طِيبًا أَي يَفوح، وأصْلُ النَّضْح الرَّشْح فشبَّه كَثْرةَ ما يَفوح من طِيبه بالرَّشْح". وانظر لسان العرب (2/ 618).
(¬11) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 850، 49) عن أبي كريب، عن وكيع، عن مسعر وسفيان، وعن سعيد بن منصور، وأبي كامل، كلاهما عن أبي عوانة الوضَّاح اليَشكُري، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر به، بنحو لفظ المصنف، وفي طريق أبي عوانة سؤال محمدِ بن المنتشر ابنَ عمرَ عن الطِّيب عند الإحرام، وذكر قوله لعائشة -رضي الله عنها-، وانظر الحديث التالي.
من فوائد الاستخراج: روى الحديث بلفظين مختلفين، لكل منهما مدلول خاص، ويترتب على اختلافهما تنوع الاستدلال في الفقه. فاللفظ الأول يدل على أن فعل التطييب قد وقع مرة واحدة، بينما اللفظ الثاني يدل على الاستمرار.

الصفحة 36