كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3781 - حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجَّاج (¬1)، حدثنا
-[379]- اللَّيث (¬2)، قال: حدثني غقَيْلٌ (¬3)، عن [ابن] (¬4) شهاب، أنَّه قال: أخبرِني عروة بن الزبير، أنّه قال: سألتُ عائشة فقلتُ لها: أرأيتِ قول الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فقلت لعائشة: ما على أحدٍ جُناحٌ ألَّا يَطَّوَّفَ بالصفا والمروة فقالت عائشة: بِئْسَ ما قلتَ يا ابن أُختي، إنَّ هذه الآية لو كانتْ كما أَوَّلْتَهَا كانتْ لا جُناح عليه ولاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، ولكنَّها أُنْزِلَتْ (في) (¬5) الأنصار، كانُوا قبل أنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّون لمناةَ الطَّاغية الَّتِي كانُوا يعبدون، الَّتي عِنْدَ المُشَلَّل، وكان من أهَلَّ لها يَتَحَرَّجُ أن يَطَّوَّفَ بالصَّفا والمَرْوَة فلما سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك قالوا: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوَّفَ بالصَّفا والمروَة فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قالت عائشة: ثمَّ قد "سنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطَّواف بِهِمَا فَلَيْسَ لأِحدٍ أنْ يترُكَ الطَّواف بهما" قال الزُّهري: فأخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بالذي حدَّثني عروة من ذلك عن عائشة، فقال أبو بكر: إنَّ هذا لعلمٌ، وما
-[380]- كنتُ سمعتُ، ولقد كنتُ سمعتُ رجالًا من أهلِ العِلْم يقولون: إنَّما كان من لاَ يَطَّوَّفُ بين الصَّفا والمروة من العَرَبِ يقولون: إنَّ طوافَنَا بين هذين الحَجَرَين من أمرِ الجاهِلِيَّة، وقال آخرون من الأنصار: إنَّما أُمِرْنَا بالطَّواف، إنَّ النَّاس إلَّا من ذكرتْ عائشة مِمَّن كان يُهِلُّ لِمَنَاة كانُوا يَطُوفُون كلُّهم بالصَّفا والمروة فقالُوا: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نطَّوَّفُ بالصَّفا والمروة، فهل علينا جُناحٌ أو حرجٌ؟ إنَّا كُنَّا نَطَّوَّفُ بالصَّفا والمروة، والله ذكر الطَّوافَ بالبيتِ ولم يذكُر الطَّواف بالصَّفا والمروة، فهل علينا يا رسول الله أنْ نَطَّوَّف بالصَّفا والمروة؟ (¬6) فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قال أبو بكر: (فأرى) (¬7) هذه الآية أُنْزِلَتْ في الفريقين كليهما؛ الذين كانُوا يَتَحَرَّجُون في الجاهِلَّيةِ أن يَطَّوَّفوا بالصَّفا والمروة، والذين كانوا يَطَّوَّفون في الجَاهِلِيَّة بالصفا والمروة ثُمَّ يَتَحَرَّجُون أنْ يَطَّوَّفُوا بِهِمَا في الإِسْلام من أجْلِ أنَّ الله عزَّ وجلَّ أخبرَ بالطَّواف بالبيتِ ولم يَذْكُر الصَّفا والمَرْوة مع الطَّوَاف بِالبَيْتِ حين ذكَرَها (¬8).
¬_________
(¬1) هو: ابن محمد المِصِّيصِي.
(¬2) ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي المصري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) ابن خالد الأيليّ.
(¬4) ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (17/ 249).
(¬5) في نسخة (م) "إن"، ولا يستقيم بها الكلام.
(¬6) هكذا وردت الجملة في نسخة (م)، ولعلَّها: "فهل علينا جناح. . .".
(¬7) تصَّحف في نسخة (م) إلى "قاري"، والتصويب من أحاديث الباب وصحيح مسلم (2/ 929).
(¬8) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح =
-[381]- = الحج إلا به (2/ 929، ح 262) عن محمد بن رافع، عن حُجَيْنِ بن المُثَنَّى، عن ليث، عن عقيل، مقتصرا على جزء من الحديث، وأحال باقيه على حديث سفيان ابن عيينة قبله فقال: "وساق الحديث بنحوه".
من فوائد الاستخراج:
• تصريح ليثٍ بالتحديث، وقد عنعن لدى مسلم.
• فيه بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه.

الصفحة 378