كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 9)

3784 - حدثنا أبو عبيد الله (¬1)، حدَّثنا عمِّي (¬2)، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسْود محمَّد بن عبد الرحمن، أنَّ رجلًا من أهلِ العِرَاق قال له: سلْ في عروة بن الزُّبير عن الرَّجُل يُهِلُّ بِالحَجِّ، فَإِذَا طَافَ أيَحِلُّ أَمْ لاَ؟ قال: فإنْ قالَ لكَ: لا يَحِلُّ، فقُلْ له: إنَّ رجُلًا يقول ذلك، قال: فسألتُه فقالَ: لا يَحِلُّ من أهَلَّ بالحجِّ إلَّا بِالحَلْقِ، فقلتُ: فإنَّ رجلَّا يقولُ ذلِك، قال: بِئْسَ مَا قَالَ، قال: فَقَصَد إِلَيَّ الرُّجُلُ فسَألَنِي، فَحَدَّثْتُه، فقالَ: قُلْ لَهُ فإنَّ رجلًا كانَ يُخْبِرُ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فعل ذلِك، وما شأنُ أسماءَ والزُّبَيرِ فَعَلا ذلك قال: فجئتُه فذكرتُ له ذلك فقال: من هذا؟ فقلتُ: لا أدْري، فقال: ما بَالُه لا يَأْتِيْني بنفسِه يسألُنِي؟ أظنُّه عِرَاقِيًّا (¬3)، فَقُلتُ: لا أدْرِي، فقالَ: إنَّه قدْ
-[387]- كَذَبْ، قَدْ حَجَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرتْنِي عائشةُ أنَّه "أوَّل شَيءٍ بدأَ بِه أنَّه حينَ قَدِمَ مَكَّة أنَّه توضَّأ ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ، ثم لم تكنْ عمرةً" ثُمَّ حَجَّ أبو بَكرٍ رضي الله عنْه فكانَ أَوَّلَ شَيءٍ بدأَ بِه الطَّوافُ بِالبيتِ، ثُم لَمْ تَكنْ عمرةً، ثُمَّ عمرُ مثل ذلك، ثُمَّ حَجَّ عُثْمان -رضي الله عنهما- فرأيتُه، أَوَّلُ شيءٍ بدأَ بِهِ الطَّوافُ بالبيتِ، ثُمَّ لَمْ تَكنْ عمرةً، ثُمَّ مُعاوية وعبد الله بن عمرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبيرِ بن العَوَّام فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ بدأَ بِهِ الطَّوافُ بالبيتِ، ثُمَّ لم تكنْ عمرةً، ثُمَّ رأيتُ المُهاجرينَ والأنصارَ يفعلون ذلِك فلاَ تكونُ عمرةً، ثُمَّ آخرُ من رأيتُ فعلَ ذلكَ ابنُ عمر، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْها بِعمرةٍ، وهذا ابن عُمر عندهم فلاَ يسالُونه، ولا أحدٌ مِمَّن مضي كانُوا يبدءُون بشيءٍ حينَ يضعون أقدامهم أَوَّلَّ من الطَّوافِ بالبيتِ، ثُمَّ لا يَحِلُّون وقدْ أخبرتْني عائشةُ أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وأختُها والزُّبير وفلانٌ وفلانٌ (¬4) بِعمرةٍ قَطْ (¬5)، فلمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا، وقَدْ
-[388]- كَذَبَ فِيها مَنْ ذَكَرَ غيرَ ذلِك (¬6).
¬_________
(¬1) هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي.
(¬2) عَمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) لم أقفْ على اسمه، يعني عروة بن الزبير أنَّهم يَتَعنَّتون في المسائل. فتح الباري =
-[387]- = (3/ 558).
(¬4) قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 289): "قوله: "والزُّبير وفلان وفلان" هما عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان"، وقال في الفتح (3/ 559): "واستشكل من حيث أن عائشة في تلك الحجة لم تطف لأجل حيضها، وأجيب بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع، فقد كانت عائشة بعد النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- تحجُّ كثيرا".
(¬5) قَطْ: بمعنى حَسْب، حَصَل فيهِ إبدال، والأصل قدْ، قال طَرَفَة: إذا قِيلَ مهلًا قال =
-[388]- = صاحبهُ قَدِ.
انظر: معجم مقاييس اللُّغة لابن فارس (ص 827).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحَلُّل (2/ 906، ح 190) عن هارون بن سعيد الأيليِّ، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة. . ثم خرج إلى الصفا (ص 261، ح 1614) عن أَصْبَغ، كلاهما عن ابن وهب به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي "المساواة".
• ذكر كنية محمد بن عبد الرحمن، يتيم عروة.
• بيان المبهم في قوله: "أخبرتني أمي"، وأنها عائشة -رضي الله عنها- لا أسماء بنت أبي بكر، بينما ورد اللفظ مبهما من غير بيان لدى مسلم، ولكن الحافظ ابن حجر قال في هدي الساري (ص 289): "قوله: "وقد أخبرتني أمي" يعني أسماء بنت أبي بكر الصديق، (هي وأختها) يعني عائشة. ."، وهذا يخالف ما تَنُصُّ عليه رواية أبي عوانة.

الصفحة 386