كتاب السنن (المعروف بالسنن الكبرى) للنسائي - ط التأصيل (اسم الجزء: 9)

قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ، قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم، قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: لا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سَاعِدَيَّ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ قَالَ: فَوَسَّعُوا لَهُ حَتَّى أَتَى النَّبيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَمَسَّ وَجْهُهُ وَجْهَ النَّبيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم حَتَّى اسْتَبَانَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم، أَمَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم، هَلْ نُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ وَيَدْعُونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَيَجِيءُ آخَرُونَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ النَّبيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم، هَلْ يُدْفَنُ النَّبيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَأَيْنَ يُدْفَنُ؟ قَالَ: فِي المَكَانِ الَّتِي قَبَضَ اللهُ فِيهَا رُوحَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلاَّ فِي مَكَانٍ طَيِّبَةٍ، قَالَ: فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ أَبو بَكْرٍ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ، وَخَرَجَ أَبو بَكْرٍ، وَاجْتَمَعَ المُهَاجِرُونَ، فَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِنَّ لَهُمْ مِنْ هَذَا الحَقِّ نَصِيبًا، فَأَتَوَا الأَنْصَارَ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ عُمَرُ: سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ وَاحِدٍ، إِذًا لا يَصْلُحَانِ، ثُمَّ أَخَذَ بَيْدِ أَبي بَكْرٍ، فَقَالَ: مَنْ لَهُ هَذِهِ الثَّلاثُ؟ {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} مَنْ صَاحِبُهُ؟ {إِذْ هُمَا فِي الغَارِ} مَنْ هُمَا؟ {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} مَعَ مَنْ؟ ثُمَّ بَايَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: بَايِعُوا، فَبَايَعَ النَّاسُ أَحْسَنَ بَيْعَةٍ وَأَجْمَلَهَا.

الصفحة 131