كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 9)

العلماء" إلى مالك. قال: وله قول آخر أنه لا يقتل. وقال عياض: لا أعلم أحدًا من أهل العلم قال به إلا ما ذكره أبو مصعب صاحب مالك في "مختصره" عن مالك وغيره من أهل المدينة، ونسب ذلك إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن عبد العزيز. انتهى. ونقل المنذري (¬1) تبعًا لغيره الإجماع أنه لا يقتل. ولعلهم أرادوا أنه استقر على ذلك الإجماع بعد خلاف مالك. وقال بعضهم: كان القتل خاصًّا بذلك الرجل، وكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على أنه واجب القتل، فلذلك أمر بقتله من أول مرة، ولعله كان من المفسدين في الأرض.
والواجب في القطع قطع اليمنى إجماعًا، وقراءة ابن مسعود مبينة: (فاقطعوا أيمانهما) (¬2). فإن عاد قطعت الرجل اليسرى عند الأكثر؛ قياسًا على المحارب، ولفعل الصحابة. وعن طاوس: يده اليسرى؛ لقربها من اليمين. ورواية عنه أنه يسقط القطع. فإن عاد في الثالثة؛ فذهب أبو حنيفة والعترة إلى أنه يحبس، وقد روى البيهقي (¬3) من حديث علي رضي الله عنه، أنه قال بعد أن قطع رجله وأتي به في الثالثة: بأي شيء يتمسح؟ وبأي شيء يأكل؟ لا قيل له: تقطع يده اليسرى. ثم قال: أقطع رجله؟! على أي شيء يمشي؟ إني لأستحي من الله. ثم ضربه وخلده في السجن. وأخرج (¬4) أن أبا بكر رضي الله عنه أراد أن يقطع رجلًا بعد اليد والرجل، فقال عمر رضي الله عنه: السنة اليد. وذهب الشافعي ومالك إلى أنه يقطع في كل مرة
¬__________
(¬1) الفتح 12/ 100.
(¬2) قراءة شاذة، البحر المحيط 3/ 483.
(¬3) البيهقي 8/ 275.
(¬4) البيهقي 8/ 273، 274.

الصفحة 128