كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 9)

كافرا به بعد أن اعتقد لزوم يمينه بغير الله كاعتقاد لزومها بالله.
وأجيب عن الحديث بأن قوله: "وأبيه". لم يقصد به القسم، وإنما قصد به مجرد التوكيد، أو قاله قبل أن يعلم كراهة ذلك. وقال ابن عبد البر (¬1): هذه اللفظ غير محفوظة، وقد جاءت عن راويها بلفظ: "أفلح والله إن صدق". وزعم بعضهم أن راويها صحف: "والله" بـ: "أبيه".
وأما تأويل الحديثين بالتغليظ فإنما يدفع القول بكفر من قال بذلك، وأما التحريم فلا يدفعه، فإن التغليظ إنما كان لأجل التحريم. وقول أبي بكر في الذي سرق حلي ابنته فقال: وأبيك ما ليلك بليل سارق. أخرجه "الموطأ" (¬2) وغيره، فتأول بما ذكر من قصد التأكيد.
وقوله: "ولا تحلفوا بالأنداد". الأنداد جمع ند، والند هو من (أ) يجعل شريكا في العبادة. وقد أخرج مسلم (¬3) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف منكم فقال في حلفه: واللات والعزى. فليقل: لا إله إلا الله". وأخرج النسائي (¬4) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه حلف باللات والعزى. قال: فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وانفث عن يسارك ثلاثا، وتعوذ بالله من الشيطان
¬__________
(أ) في جـ: ما.
__________
(¬1) التمهيد 14/ 367.
(¬2) الموطأ 2/ 835، 836 ح 30.
(¬3) مسلم 3/ 1267، 1268 ح 1647.
(¬4) النسائي 7/ 7، 8.

الصفحة 440