مذهب الهدوية، ولكن الاستدلال بما ذكر غير صحيح، فإن عدم الذكر لا ينفي أن يكون لها دليل آخر، وكذا الاقتران بما لا كفارة له، فإن الجمع بين مختلف الأحكام واقع، إلا أنه يحتج لذلك بما أخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" (¬1) عن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس فيها كفارة، يمين صبر (¬2) يقتطع بها مالا بغير حق". وظاهر سند الحديث الصحة، إلا أن فيه عنعنة بقية (¬3)، وفي إسناده أبو المتوكل. وقد أخرجه أحمد (¬4) بهذا السند، وقال: عن التوكل (¬5)، أو أبي المتوكل (5). وهذا ليس هو أبا المتوكل الناجي الثقة (¬6)، بل آخر مجهول. وبما رواه آدم بن أبي إياس في "مسند شعبة"، وإسماعيل القاضي في "الأحكام" (¬7)، عن ابن مسعود: كنا نعد الذنب الذي لا كفارة له اليمين الغموس، أن يحلف الرجل على مال أخيه كاذبا ليقتطعه. قالوا: ولا مخالف له من الصحابة. وذهب الحكم، وعطاء، والأوزاعي، ومعمر، والشافعي، إلى وجوب الكفارة في اليمين الغموس؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (¬8).
¬__________
= 11/ 557 عن ابن المنذر وابن عبد البر اتفاق الصحابة على أن لا كفارة في اليمين الغموس.
(¬1) التحقيق 2/ 383 ح 2028.
(¬2) يمين صبر: أي: ألزم بها وحبس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم. النهاية 3/ 8.
(¬3) تقدمت ترجمته في 1/ 122.
(¬4) أحمد 2/ 362.
(¬5) قال أبو حاتم: مجهول، وقال ابن حبان: لا أدري من هو. الثقات 5/ 459، وتعجيل المنفعة 2/ 235.
(¬6) علي بن داود، ويقال: ابن دؤاد، أبو المتوكل الناجي، البصري، مشهور بكنيته، ثقة. التقريب ص 401، وتهذيب الكمال 20/ 425.
(¬7) الفتح 11/ 557.
(¬8) الآية 89 من سورة المائدة.