كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 9)

وقد يفهم من الحديث أن الوصية لمن كان فقيرا غير واجبة عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليها ترك الوصية، ولكنه قد يجاب عنه بأنه لا فائدة للإنكار؛ لتعذر الفعل بالموت، إلا أن يقال: فائدته تعريف الغير وجوب الوصية، فلما أقر عليه دل على عدم الوجوب.
وأم سعد هي عمرة بنت مسعود -وقيل: سعد- بن قيس بن عمرو، أنصارية خزرجية، ذكر ابن سعد (¬1) أنها أسلمت وبايعت، وماتت سنة خمس والنبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة دومة الجندل وابنها سعد بن عبادة معه. قال: فلما رجعوا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على قبرها. وعلى هذا فالحديث مرسل صحابي؛ لأن ابن عباس كان حينئذ مع أبويه بمكة، ويمكن أنه سمعه من سعد بن عبادة، وقد جاء في رواية سليمان بن كثير (¬2)، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن سعد بن عبادة، أنه استفتى. الحديث.
واعلم أن مذهب الجمهور أنه لا يلزم الوارث أن يقضي عن الميت النذر إذا كان غير مالي، وكذا المالي إذا لم يُخَلِّفْ تركة، لكن يستحب، وقال أهل الظاهر: يلزمه ذلك، لحديث سعد. والجواب أنه لا دلالة فيه على وجوب ذلك، ولعله تبرع بذلك عنها برًّا منه لها، أو كان لها مال فقضاه من مالها.

1152 - وعن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلا ببُوانة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله، فقال: "هل كان فيها
¬__________
(¬1) الطبقات 3/ 614، 8/ 451.
(¬2) النسائي 6/ 253.

الصفحة 503