كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 9)

سرق رداءه، وأراد ألا يقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "هلا قبل أن تأتيني به؟ ". وحديث ابن مسعود في قصة الذي سرق، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعه، وقال: "إنه ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه، والله عفو يحب العفو" (¬1). وادعى ابن عبد البر الإجماع (¬2)، وكذا في "البحر" أنه يجب على السلطان الإقامة إذا بلغه الحد. وذكر الخطابي وغيره (¬3) عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذية الناس وغيره، فقال: لا يشفع في الأول مطلقا قبل الرفع وبعده، وفي الثاني تحسن الشفاعة قبل الرفع لا بعده. وفي حديث عائشة مرفوعًا: "أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم إلا في الحدود" (¬4). ويستفاد منه جواز الشفاعة فيمن يقتضي منه التعزير، ونقل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك (¬5)، وتحمل الأحاديث الواردة في الستر على المسلم أن ذلك قبل الرفع إلى الإمام.
وقوله: "إنما أهلك". كذا في رواية قتيبة، وجاء في رواية أبي الوليد: "إنما ضل". وفي رواية سفيان عن النسائي (¬6): "إنما هلك بنو إسرائيل". وظاهر الحصر أنه كان سبب هلاك من تقدم على جهة العموم، و (أ) بني إسرائيل كما في رواية سفيان؛ بسبب تضييع حد السرقة. ولعل المراد من
¬__________
(أ) في جـ: أو.
__________
(¬1) أحمد 1/ 419.
(¬2) التمهيد 11/ 224.
(¬3) الفتح 12/ 95.
(¬4) أبو داود 4/ 131 ح 4375.
(¬5) الاستذكار 24/ 176، 177.
(¬6) النسائي 8/ 72.

الصفحة 99