كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 9)

21222- أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ: مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدِي بِمِثْلِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ، حَتَّى أُحِبَّهُ، فَأَكُونَ عَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَأُذُنَيْهِ اللَّتَيْنِ يَسْمَعُ بِهِمَا، وَيَدَيْهِ اللَّتَيْنِ يَبْطِشُ بِهِمَا، وَرِجْلَيْهِ اللَّتَيْنِ يَمْشِي بِهِمَا، فَإِذَا دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِذَا سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَإِنِ اسْتَغْفَرَنِي غَفَرْتُ لَهُ.
21223- أخبرنا عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ بِقَوْمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنِّي لأُبْغِضُ هَذَا للهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللهِ لَنُنَبِّثَنَّهُ، اذْهَبْ يَا فُلاَنُ فَبَلِّغْهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الَّذِي قَالَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ فُلاَنًا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُبْغِضُنِي فِي اللهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَقَالَ: عَلاَمَ تُبْغِضُ هَذَا؟ قَالَ: هُوَ لِي جَارٌ، وَأَنَا أَعْلَمُ شَيْءٍ بِهِ، وَأَخْبَرُ شَيْءٍ بِهِ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلاَةً قَطُّ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ المَكْتُوبَةَ، الَّتِي يُصَلِّيهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ رَآنِي أَخَّرْتُهَا عَن وَقْتِهَا، أَوْ أَسَأْتُ فِي وُضُوئِهَا، أَوْ رُكُوعِهَا، أَوْ سُجودِهَا؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: وَلاَ رَأَيْتُهُ صَامَ يَوْمًا قَطُّ، إِلاَّ هَذَا الشَّهْرَ الَّذِي يَصُومُهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ رَآنِي أَفْطَرْتُ مِنْهُ يَوْمًا، أَوِ استَخْفَفْتُ بِحَقِّهِ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: وَلاَ رَأَيْتُهُ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ هَذِهِ الزَّكَاةَ، الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ كَتَمْتُهَا، أَوْ أَخَّرْتُهَا، أَوْ قَالَ: مَنَعْتُهَا؟ قَالَ: لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنْكَ.
21224- أخبرنا عبد الرزاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ تُخْبِرُنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ}، حَتَّى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: اكْفُفْ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَإِنَّا لَمَأْخُوذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ، إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.

الصفحة 72