كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 9)

إِنَّهُمْ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ فَصَدَقَ، لِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ يَعْلَمُ الْكِتَابَ، وَيُدْرِكُ وَجْهَ إِعْجَازِهِ، وَيَشْهَدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِدْقِهِ. قُلْتُ: فَالْكِتَابُ عَلَى هَذَا هُوَ الْقُرْآنُ. وَأَمَّا مِنْ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَعَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُنْزِلَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ شَيْئًا وَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ لَفْظًا، وَيَعْضُدُهُ مِنَ النِّظَامِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:" وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا" يَعْنِي قُرَيْشًا، فَالَّذِينَ عِنْدَهُمْ عِلْمُ الْكِتَابِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ هُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ أَقْرَبُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَقَوْلُ من قال هو عبد الله بن سلام وَغَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَيْضًا، لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ إِذَا صَحَّتْ وَعَرَفَهَا مَنْ قَرَأَ الْكُتُبَ الَّتِي أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ كَانَ أَمْرًا مُؤَكَّدًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذلك.

الصفحة 337