كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

وقال أبو حنيفة: يبدأ بجانبه الأيسر؛ لأنه على يمين الحالق (¬1). والظاهر أن هذا الخلاف يأتي في قص الشارب، قال ابن الرفعة: ويستحب للحالق في حلق رأسه أمور: أن يبدأ بحلق شق رأسه الأيمن من أوله إلى آخره، ثم الأيسر كما في الحديث، وأن يستقبل المحلوق القبلة (¬2) سواء كان في الحمام أو غيره، وأن يبلغ (¬3) بالحلق العظمين اللذين عند منتهى الصدغين ليكون مستوعبًا للرأس؛ لأنهما (¬4) منتهى نبات الشعر، وهذِه الآداب تطرد في كل حالق (¬5). وزاد الماوردي والبندنيجي أدبًا خامسًا وهو أن يكبر عند (¬6) فراغه، ورواه الروياني عن الأصحاب واستغربه النووي (¬7).
(فجعل يقسم بين من يليه) ذلك الشعر فيعطي (الشعرة) بفتح العين، أي: لبعضهم (والشعرتين) للبعض؛ لحرصه على تشريكهم في التبرك به، وفي ثوابه، وفيه دليل على طهارة شعر الآدمي، وهو الصحيح من مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء (¬8)، وفيه التبرك بشعره - صلى الله عليه وسلم - وجواز اقتنائه للتبرك، وفيه مواساة الإمام والكبير بين أصحابه وأتباعه فيما
¬__________
(¬1) "المجموع" 8/ 215، وانظر "البحر الرائق" 2/ 372، و"شرح فتح القدير" 2/ 490.
(¬2) "الشرح الكبير" 3/ 425 - 426.
(¬3) في (ر): يبدأ.
(¬4) في (ر): لأنه.
(¬5) "المجموع" 8/ 203.
(¬6) في (ر): بعد. وانظر: "الحاوي الكبير" 4/ 162.
(¬7) "المجموع" 8/ 204.
(¬8) "المجموع" 1/ 232.

الصفحة 112